الجن ليس في جانب واحد بل في جوانب متعددة فكلاهما يخدم محورا واحدا، كما أنهما من مجموعة واحدة.
[الفوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ قال الألوسي: (والآية ظاهرة في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم علم استماعهم له بالوحي لا بالمشاهدة، وقد وقع في الأحاديث أنه عليه الصلاة والسلام رآهم، وجمع ذلك بتعدد القصة قال في (آكام المرجان) ما محصله: في الصحيحين في حديث ابن عباس ما قرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الجن ولا رآهم وإنما انطلق بطائفة من الصحابة لسوق عكاظ، وقد حيل بين الجن والسماء بالشهب، فقالوا: ما ذاك إلا لشئ حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمر من ذهب لتهامة منهم به عليه الصلاة والسلام وهو يصلي الفجر بأصحابه بنخلة، فلما استمعوا له قالوا: هذا الذي حال بيننا وبين السماء، ورجعوا إلى قومهم وقالوا: يا قومنا الخ، فأنزل الله تعالى عليه قُلْ أُوحِيَ الخ، ثم قال: ونفي ابن عباس إنما هو في هذه القصة، واستماعهم تلاوته صلى الله تعالى عليه وسلم في الفجر في هذه القصة لا مطلقا، ويدل عليه قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ الخ، فإنها تدل على أنه عليه الصلاة والسلام كلمهم ودعاهم وجعلهم رسلا لمن عداهم كما قاله البيهقي، وروى أبو داود عن علقمة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:«أتاني داعي الجن فذهبت معه وقرأت عليهم القرآن، قال: وانطلق بنا وأرانا آثارهم وآثار نيرانهم» الخ.
وقد دلت الأحاديث على أن وفادة الجن كانت ست مرات، وقال ابن تيمية: إن ابن عباس علم ما دل عليه القرآن، ولم يعلم ما علمه ابن مسعود وأبو هريرة من إتيان الجن له صلى الله تعالى عليه وسلم ومكالمتهم إياه عليه الصلاة والسلام، وقصة الجن كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقال الواقدي: كانت سنة إحدى عشرة من النبوة، وابن عباس ناهز الحلم في حجة الوداع، فقد علمت أن قصة الجن وقعت ست مرات، وفي شرح البيهقي من طرق شتى عن ابن مسعود أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صلى العشاء ثم انصرف فأخذ بيدي حتى أتينا مكان كذا، فأجلسني وخط علي خطا ثم قال: لا تبرحن خطك، فبينما أنا جالس إذ أتاني رجال منهم كأنهم الزط، فذكر حديثا طويلا، وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما جاءه إلى السحر، قال: وجعلت أسمع