الأصوات، ثم جاء عليه الصلاة والسلام فقلت: أين كنت يا رسول الله؟ فقال:
«أرسلت إلى الجن» فقلت: ما هذه الأصوات التي سمعت؟ قال:«هي أصواتهم حين ودعوني وسلموا علي». وقد يجمع الاختلاف في القلة والكثرة بأن ذلك لتعدد القصة
أيضا والله تعالى أعلم، واختلف فيما استمعوه فقال عكرمة: اقرأ باسم ربك، وقيل: سورة الرحمن).
٢ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً قال ابن كثير: (أي: كنا نرى أن لنا فضلا على الإنس لأنهم كانوا يعوذون بنا إذا نزلوا واديا أو مكانا موحشا من البراري وغيرها، كما كانت عادة العرب في جاهليتها يعوذون بعظيم ذلك المكان من الجان أن يصيبهم بشيء يسوؤهم، كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار رجل كبير، وذمامه وخفارته، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم منهم زادوهم رهقا، أي: خوفا وإرهابا وذعرا، حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر تعوذا بهم كما قال قتادة فَزادُوهُمْ رَهَقاً:
أي: إثما وازدادت الجن عليهم بذلك جراءة، وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم:
فَزادُوهُمْ رَهَقاً: أي: ازدادت الجن عليهم جرأة. وقال السدي: كان الرجل يخرج بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن أن أضر أنا فيه، أو مالي أو ولدي أو ماشيتي، قال قتادة: فإذا عاذ بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك، وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: كان الجن يفرقون من الإنس كما يفرق الإنس منهم أو أشد، فكان الإنس إذا نزلوا واديا هرب الجن فيقول سيد القوم: نعوذ بسيد أهل هذا الوادي، فقال الجن: نراهم يفرقون منا كما نفرق منهم، فدنوا من الإنس فأصابوهم بالخبل والجنون، فذلك قول الله عزّ وجل: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً أي: إثما. وقال أبو العالية والربيع وزيد بن أسلم: (رهقا) أي: خوفا. وقال العوفي عن ابن عباس:
فَزادُوهُمْ رَهَقاً أي: إثما، وكذا قال قتادة. وقال مجاهد: زاد الكفار طغيانا).
٣ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً قال ابن كثير: (وقد كانت الكواكب يرمى بها قبل ذلك، ولكن ليس بكثير، بل في الأحيان بعد الأحيان كما في حديث العباس: بينما نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ