هذه المجموعة تكمل ما قبلها بشكل واضح؛ فقد ختمت سورة المجادلة بقوله تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ* لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وتأتي سورة الحشر لترينا مظهرا من مظاهر نصرة الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ولترينا مظاهر من اتخاذ أعداء الله أولياء. سورة الحديد فصلت في موضوع النفاق، وجاءت سورة المجادلة فأكملت، وستأتي سورة الحشر لتزيد موضوع النفاق تفصيلا، وتأتي سورة الممتحنة لتحذر من السير في طريق النفاق.
...
وظاهر منذ سورة الحديد أن السور المبدوءة بصيغ (سبح يسبح) إذا جاءت بعد سور لا تظهر فيها هذه الصيغة، فهي تدل على أنها بدايات مجموعات تفصل في أوائل سورة البقرة، وهذا واضح جدا من خلال التأمل للمعاني، ولتسلسل السور وبداياتها.
...
تأتي سورة الحديد مبدوءة بقوله تعالى: سَبَّحَ ثم تأتي سورة المجادلة مبدوءة بقوله تعالى: قَدْ سَمِعَ ثم تأتي سورة الحشر مبدوءة بقوله تعالى: سَبَّحَ ثم تأتي سورة الممتحنة مبدوءة بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ثم تأتي سورة الصف مبدوءة بقوله تعالى: سَبَّحَ ثم سورة الجمعة مبدوءة بقوله تعالى: يُسَبِّحُ ثم تأتي سورة المنافقون مبدوءة بقوله تعالى: إِذا ثم تأتي سورة التغابن مبدوءة بقوله: يُسَبِّحُ ثم تأتي سورتا الطلاق والتحريم مبدوأتين بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ* ... فعلامة بداية المجموعة وجود الفعل سبح أو يسبح، وكل تفصيل لا حق لسورة البقرة يكمل التفصيل السابق بالنسبة للقسم الواحد وبالنسبة للقرآن كله.
...
وواضح أن سورة الحشر تفصل في مقدمة سورة البقرة، وأن سورة الممتحنة تفصل في المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة، وهي السمة الغالبة التي تشترك بها مجموعات قسم المفصل، فكلها تقريبا تفصل ضمن هذه الحدود من سورة البقرة.