للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمله ظلام، فليس له نور في قلبه، وليس له نور خارجي يهتدي به. وبمناسبة هذه الآية فلنذكر هذا الحديث:

روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ، فمن أصاب من نوره يومئذ اهتدى، ومن أخطأ ضل، فلذلك أقول جف القلم على علم الله عزّ وجل» إن هذا الحديث يدل على أن الله علم أزلا من سيضل، فأراده له، ومن علم الله منه الهداية أعطاه نورا فبهذا النور اهتدى فآمن وأسلم، وأما الكافر فإنه مظلم القلب، ومن ثم لا يرى ولا يهتدي، وليس له حجة؛ إذ العلم كاشف لا مجبر.

[كلمة في السياق]

كررنا أكثر من مرة أن هذه السورة تفصل قوله تعالى ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً والناس أحد اثنين: إما مستجيب، وقد ضرب الله له المثل الأول في هذا المقطع، وإما رافض، وهو قسمان: قسم رفضوا وهم أصحاب دين سابق، فهؤلاء ضرب الله لهم مثلا بين فيه عدم نفع أعمالهم، وأن آمالهم في القبول والرضوان في غير محلها، والقسم الآخر ليسوا على دين، فهؤلاء في ظلمة كاملة في الدنيا، وليس أبلغ في الدعوة إلى الدخول في الإسلام من هذه الأمثلة، فالصلة بين هذه الأمثلة، وسياق السورة، ومحورها، واضحة كما أن الصلة بين المثلين الأخيرين والمثل الأول واضحة.

فقد قرر الله عزّ وجل في بداية المقطع أنه الهادي للسماوات والأرض، وضرب مثلا لهدايته بهدايته الخاصة لأهل الإيمان هداية الفطرة، وهداية الشريعة، ولكي تعرف الهداية لا بد من معرفة الضلال، ومن ثم ضرب مثلين لنوعين من الضلال: النوع الأول: مثل لناس يعملون ولكن عملهم لا يوصل إلى غاية، فلا هو يصل إلى القلب بنوره، ولا هو يوصل إلى الرضوان، هو عمل ضال، يترتب عليه أمل كاذب.

والنوع الثاني: عمل مظلم، محاط بظلمات، فهو لا يعرف هداية أصلا، وليس هو من الهدى في شئ. ومن خلال معرفة الهدى والضلال، في الحياة البشرية؛ نتعرف كيف أن الله هادي السموات والأرض، فهما لا يضلان ولا يخرجان عن المسار الذي حدده الله لهما، فكيف تخرج أيها الإنسان عن المسار الذي حدده الله لك، فترفض الدخول في الإسلام، ثم إن الله عزّ وجل بعد ذلك يلفت نظر الإنسان إلى شيئين، تجري فيهما هدايته، فيأخذ منهما الإنسان درسين على ضرورة الإسلام والاستسلام لله،

<<  <  ج: ص:  >  >>