للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلِكَ أي: في إنزال الماء وإخراج الزرع لَذِكْرى أي: لتذكيرا وتنبيها لِأُولِي الْأَلْبابِ على أنّه لا بد من صانع حكيم، وأن ذلك كائن عن تقدير وتدبير، لا عن إهمال وتعطيل، قال ابن كثير: (أي: الذين يتذكّرون بهذا فيعتبرون إلى أن الدنيا هكذا تكون خضرة ناضرة حسناء، ثم تعود عجوزا شوهاء، والشاب يعود شيخا هرما كبيرا ضعيفا، وبعد ذلك كله الموت، فالسّعيد من كان حاله بعده إلى خير).

كلمة في السياق: [المجموعة الثالثة وعلاقتها بالمحور وبما قبلها وما بعدها]

١ - حدّدت هذه المجموعة في آيتيها الأوليين حال الكافرين في الآخرة، وحال المتقين بهذا الشكل المعجز الذي رأيناه، من وصف الكافر وهو في طبقات النار، إلى وصف المؤمن وهو في طبقات الجنان، وذلك لاستجاشة النّفس وبعثها نحو التقوى التي من خصالها الاهتداء بالقرآن الكريم هُدىً لِلْمُتَّقِينَ وذلك يذكّرنا بصلة المجموعة بمحور السورة، وفي هذا السياق لفت الله نظر رسوله صلّى الله عليه وسلم إلى موضوع إنزال الماء من السماء، وما يترتب عليه من نبات، وما يحدث للنّبات من تغيّرات، وفي ذلك تزهيد في الدنيا، وتشويق للآخرة، وفي ذلك تذكير بأن منزل الماء هو منزل القرآن، ولكن القرآن هو الحياة الدائمة للقلوب في الدنيا، وهو سبب الحياة الدائمة للإنسان في الآخرة، أمّا الماء فإنه يحيي، ولكنّ مآل من حيى به الموت، فالمجموعة كلها تهيّج على التقوى، وعلى طلب الآخرة.

٢ - والصلة بين المجموعة وما قبلها مباشرة واضحة، فما قبلها كان حديثا عن المتقين الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها، كما كان حديثا عن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، فالمجموعة تكمّل صورة ما أعدّ لهؤلاء وهؤلاء، مع لفت النظر إلى فناء هذه الدار من خلال النّظر إلى حياة النبات.

٣ - نلاحظ أن المجموعة الأولى ختمت بقوله تعالى: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ والمجموعة الثانية ختمت بقوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ والمجموعة الثالثة ختمت بقوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ والآن تأتي مجموعة تبدأ بالحديث عن نعمة الله على من شرح الله قلبه للإسلام أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فكأن المجموعات

<<  <  ج: ص:  >  >>