الترادف، والتلازم. فالجهاد أمر بمعروف خارج حدود أرض الإسلام. والأمر بالمعروف جهاد على الأرض الإسلامية، ونلاحظ أنه في السياق العام في سورة البقرة قد جاءت هذه الفريضة بعد ما ذكر الحج. فالإيمان بالغيب ذكر أولا. ثم الصلاة، ثم الإنفاق الذي منه الزكاة ثم الصوم، ثم الحج وهاهنا تذكر فريضة القتال. ويلاحظ أن هذه الفريضة قد ذكرت في سياق الأمر بالدخول بشرائع الإسلام عامة، وسنرى أنه بدونها لا يبقى إسلام. ومن ثم نفهم حكمة ذكرها في هذا السياق. وإذ تكون أول فريضة منصوص عليها في السياق الجديد يفهم من ذلك أهميتها في موضوع الدخول في الإسلام كله فمن أراد أن يحقق أمر الله في الدخول في الإسلام كله فعليه أن يقاتل أو ينوي القتال:
هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين أن يكفوا شر الأعداء عن حوزة الإسلام، مع علمه تعالى بشدة هذه الفريضة عليهم، وكثرة مشقتها لما يترتب عليها من قتل، أو جرح. ولما يكون فيها من مشقة سفر وتنقل، ومجالدة عدو. ولكن الله عزّ وجل لا يفرض ما يفرض مراعاة لما يحب عباده أو يكرهون. بل مراعاة لما هو المصلحة لهم في دنياهم وأخراهم. إذ قد يكره العبد شيئا، وفيه الخير. وقد يحب شيئا وفيه الشر. والله وحده هو الذي يعلم، وغيره لا يعلم. فمن ثم هو الذي يشرع. ولا حق لغيره أن يشرع. وفي موضوعنا: ترك القتال، يعقبه استيلاء الكفرة على البلاد والحكم. ويترتب عليه تعطيل أحكام الله. ويترتب عليه اغتيال العقيدة، والشريعة.
وفي القتال تكون كلمة الله هي العليا. وفي ذلك الخير كل الخير.
[المعنى الحرفي]
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ: أي فرض وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ أي: وهو مكروه لكم. ووضع المصدر محل اسم المفعول لتبيان فرط الكراهية. وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ: ككراهة للقتال، مع أن فيه إحدى الحسنيين: إما الظفر والغنيمة، وإما الشهادة والجنة. وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ: كحبنا