للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى، فأفزعه ذلك، وقال لمن أخبره: أنشدك بالله تعالى أسمعته يقول ذلك؟ قال:

نعم فوقعت في نفسه لما علموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال قولا إلا كان حقا، فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي عليه الصلاة والسلام ليحمل عليه، فيحول رجل من المسلمين بين النبي عليه الصلاة والسلام وبينه، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: خلوا عنه، فأخذ الحربة فرماه بها فوقعت في ترقوته، فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور، فأتى أصحابه حتى احتملوه وهو يخور فقالوا: ما هذا والله ما بك إلا خدش، فقال: والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني أليس قد قال: أنا أقتله، والله لو أن الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم، فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى ذهب إلى النار، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وروي هذا القول عن ابن عباس وجماعة، وفي رواية أخرى عن ابن عباس أن الظالم أبي بن خلف وفلان عقبة).

وقال ابن كثير في الآية: (يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقا أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم، وعض على يديه حسرة وأسفا، وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن أبي معيط أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم كما قال تعالى يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ الآيتين. فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، ويعض على يديه قائلا يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا يعني من صرفه عن الهدى وعدل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة، وسواء في ذلك أمية بن خلف أو أخوه أبي بن خلف أو غيرهما).

[بين يدي المقطع الثاني]

بدأت المقدمة بالكلام عن القرآن والنذير والتوحيد، وعرض المقطع الأول بعض مواقف للكافرين من القرآن والنذير، ورد عليها، وسنلاحظ أن المقطع الثاني يبدأ بعرض شبهة للكافرين حول القرآن ويرد عليها، ثم يعرض موقفا للكافرين من الرسول ويرد عليه، ثم يعرض وضعا شركيا ويرد عليه، ثم يسير المقطع في تقرير التوحيد، وتبيان مهمة الرسول، وما ينبغي أن يقوله، وما ينبغي أن يكون عليه حاله، ثم يعرض لنفور المشركين من عبادة الله، ويعرض في مقابل ذلك حال عباد الله، ويختم المقطع بتوجيه كلام للكافرين، وسنرى ذلك كله ومحله ضمن السياق الخاص والعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>