الله بالقيام بما أمر، لعلكم تتحققون بمقام الشكر الذى لا يناله إلا القليل وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (سورة سبأ: ١٣)
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ اختلف المفسرون في هذا الوعد، هل كان يوم بدر، أو يوم أحد، على قولين. الأرجح فيهما والذي يتفق مع السياق أن قوله تعالى إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ متعلق بقوله تعالى: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وهو قول الحسن البصري، والشعبي، وغيرهم،. واختاره ابن جرير.
أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ روى ابن أبي حاتم عن الشعبي أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ إلى قوله ... مُسَوِّمِينَ قال: فبلغت كرزا (١) الهزيمة. فلم يمد المشركين، ولم يمد الله المسلمين بالخمسة آلاف» هذا ما قاله الشعبي، والمذكور في سورة الأنفال أن الله وعد المؤمنين أن يمدهم بألف، وقد أمدهم بهم. وهل أمدهم بالثلاثة ثم بالخمسة؟ قولان للمفسرين، لأن التنصيص على الألف في سورة الأنفال لا ينافي الثلاثة آلاف فما فوقها لقوله: مُرْدِفِينَ بمعنى: يردفهم غيرهم، ويتبعهم ألوف أخر وعلى كل الأقوال، فقد قاتلت الملائكة يوم بدر، أما عدد من قاتل ففيه خلاف. ومعنى الآية:
«ألا يكفيكم الإمداد بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين لنصرتكم». وجئ بالاستفهام الذي يفيد الإنكار وبعده (لن) التي تفيد تأكيد النفي للإشعار بأنهم كانوا لقلتهم، وضعفهم، وكثرة عدوهم، كالآيسين من النصر.
ثم إن في قول الله تشجيعا لهم، وإنكارا عليهم حالهم بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ في قوله تعالى (بلى) بعد (ألن). ما يفيد أن الكفاية حاصلة بالثلاثة آلاف، بل لملك واحد كاف لخراب العالم كله، فضلا عن نصرة المؤمنين، ولكنه مزيد التطمين، وزيادة الرعاية.
والمعنى: الثلاثة آلاف تكفيكم، ولكم خمسة آلاف من الملائكة معلمين أنفسهم، أو معلمة خيلهم، لأن السوم: هو العلامة، وذكر نزول الملائكة في حال مجئ المشركين من فورهم مباشرة، للتطمين إلى أنه مهما أسرع الكافرون في المجئ لقتالكم، فإن نزول الملائكة لا يتأخر عن إتيان الكافرين، بل يأتي مباشرة، فاطمئنوا. وقد رأينا من
قبل أن الشعبي يرى أن الخمسة آلاف لم تنزل، القول الثاني وهو لأكثر من مفسر منهم الربيع بن أنس قال: أمد الله المسلمين بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم
(١) رواية الشعبي أن كرز بن جابر كان يمد المشركين فبلغ ذلك المسلمين فشق عليهم.