للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرابها ليزهّد في الميل إليها، وليبعد عن الرسوب بسببها. فقال وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها من هذه الزينة صَعِيداً أي أرضا ملساء جُرُزاً أي يابسا لا نبات فيها بعد أن كانت خضراء معشبة. والمعنى: يعيدها بعد عمارتها خرابا بإماتة الحيوان، وتجفيف النبات والأشجار، وغير ذلك، أي وإنا لمصيّروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار، فنجعل كل شئ عليها هالكا صعيدا لا ينبت ولا ينتفع به.

كلمة في السياق: [حول صلة مقدمة السورة بالمحور وبقصة أصحاب الكهف]

بدأت السورة بالحمد، ووصفت الكتاب ببعض أوصافه، وعللت حكمة إنزاله وهي التبشير والإنذار، وخصّت المتخذين لله ولدا بإنذار خاص، ثم نهت رسول الله صلّى

الله عليه وسلّم عن الحزن على من لم يؤمن، ثم ذكّرت بحكمة تزيين الحياة الدنيا، وأن ذلك للاختبار، وأن الرسوب والسقوط هو في حسن العمل وسوئه. ثم بيّنت مآل الحياة الدنيا.

فإذا تذكرنا أن محور السورة هو قوله تعالى من سورة البقرة زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ وأن هذا المحور آت في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله، واجتناب خطوات الشيطان. إذا تذكّرنا هذا ندرك أن مقدّمه سورة الكهف التي مرّت معنا تناسب هذا كله، وقد أوصلت المقدمة إلى حكمة تزيين الحياة الدنيا وهي الاختبار، فإذ يقول الله في سورة البقرة زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا ... نفهم أنّه من السقوط أن تكون الحياة الدنيا مزيّنة لإنسان. ولذلك فسّر النسفي أن حسن العمل الذي هو علامة النجاح في الاختبار هو: (الزهد فيها وترك الاغترار بها). ومن ثم نعلم من المقدمة أن الإيمان والعمل الصالح، والزهد في الدنيا من معالم الإسلام، وأن اتباع القرآن كله هو الاستقامة وهو الإسلام، وأن من خطوات الشيطان الكفر ونسبة الولد إليه، وتزيين الحياة الدنيا. وبعد هذه المقدمة تأتي قصة أهل الكهف. فما الصلة بينها وبين ما قبلها وبين السياق العام؟

١ - لقد قص الله علينا حكمة الإعثار على أهل الكهف فقال: وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها فالحكمة في حادثة أهل الكهف التدليل على البعث بعد الموت، فإذ كانت الآخرة حقا فزينة الحياة الدنيا لا قيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>