أي: من إعياء ولا تعب ولا نصب، لا كما قال اليهود عليهم لعنة الله أنه استراح في اليوم السابع، وهو موضوع سنعرض له في الفوائد قال ابن كثير:(فيه تقرير للمعاد، لأن من قدر على خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن قادر على أن يحيي الموتى بطريق الأولى والأخرى)
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ قال النسفي: أي على ما يقول اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه، أو على ما يقول المشركون في أمر البعث، فإن من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي: وسبّح حامدا ربك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ الفجر وَقَبْلَ الْغُرُوبِ الظهر والعصر
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ العشاء، أو التهجد وَأَدْبارَ السُّجُودِ التسبيح في آثار الصلوات
وَاسْتَمِعْ أي: لما أخبرك به من حال يوم القيامة يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ أي: إسرافيل مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ أي: النفخة الثانية بِالْحَقِّ قال ابن كثير: يعني النفخة في الصور التي تأتي بالحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور والأجداث ومن حيث هم.
أقامت هذه الآيات الحجة وأمرت الرسول صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين بالصبر، والصلاة، والتسبيح في أدبار الصلوات، وتذكر اليوم الآخر، ثمّ تأتي بعد ذلك ثلاث آيات تلخص، وتعظ، وتأمر بالبلاغ، وتحدّد من يستفيد من البلاغ.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ أي: نحيي الخلق ونميتهم في الدنيا وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ أي: مصيرهم
يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ أي: تتصدّع الأرض فتخرج الموتى سِراعاً أي: مسرعين ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ أي: هيّن سهل قال ابن كثير: أي تلك إعادة سهلة علينا يسيرة لدينا
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ أي: فيك وفينا، تهديد لهم وتسلية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. قال ابن كثير: أي نحن علمنا محيط بما يقول لك المشركون من التكذيب فلا يهولنّك ذلك وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ أي: وما أنت بمجبرهم على الإيمان، إنما أنت مبلّغ، ولنا عودة على هذا فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ قال ابن كثير: أي بلّغ أنت رسالة ربك، فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده، ويرجو وعده. وقال النسفي: كقوله إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها لأنه لا ينفع (أي: التذكير) إلا فيه.