للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة في السياق]

يلاحظ أن هذه المجموعة بدأت بقوله تعالى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا.

وختمت بقوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً. وفي الوسط ورد قوله تعالى: وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً وما سوى ذلك كان كلاما عن مظاهر قدرة الله وعنايته، تأمل صلة ذلك بالمقدمة:

بعد أن ذكرت المقدمة إنزال القرآن على الرسول لينذر به قالت:

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً وقد جاءت هذه المجموعة لتبين أن الله وحده هو الخالق، وأنه الذي يملك النفع والضر، وأنه الذي يملك الموت والحياة والنشور، وأن من يعبد غيره إنما يعبد هواه، وأن هؤلاء خاطئون إذ يعبدون ما لا ينفعهم ولا يضرهم، وإنهم إذ يعبدون غير الله يظاهرون على الله مع أنه خالقهم وخالق كل شئ.

وفي ذكر وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً إشارة إلى ارتباط الكلام عن التوحيد والشرك بموضوع النذير والقرآن، وهي المواضيع الثلاثة التي تحدثت عنها المقدمة، ولم يبق عندنا في المقطع إلا مجموعة واحدة مبدوءة بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً وفيها أوامر للبشير النذير، وفيها البشارة لمن يستحقون البشارة، وهكذا فإن السورة بعد أن أقامت الحجة على أن هذا القرآن من عند الله، وأقامت الحجة على أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفندت الشرك، وأقامت الحجة على التوحيد تتحدث في مجموعتها الأخيرة عن مضمون محور السورة: التبشير والإنذار كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ إن محمدا البشير النذير الذي بعث والناس أمة واحدة في الكفر يخاطب في المجموعة الأخيرة بتبيان مهمته وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً يؤمر أن يقوم بحق الإنذار والتبشير فلنستعرض المجموعة الأخيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>