كتاب الصلاة عن أبي العالية قال: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل فنزلت أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ فخافوا أن يبطل الذنب العمل، ثم روي من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا- معشر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم- نرى أنه ليس شئ من الحسنات إلا مقبول حتى نزلت أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ فقلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات، والفواحش حتى نزل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ* فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك، فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش ونرجو لمن لم يصبها).
وعند هذه الآية قال الألوسي:(قيل: إن بني أسد أسلموا، وقالوا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلنا كأنهم منّوا بذلك، فنزلت فيهم هذه، وقوله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ومن هنا قيل المعنى: لا تبطلوا أعمالكم بالمنّ بالإسلام، وعن ابن عباس: بالرياء والسمعة، وعنه أيضا: بالشك والنفاق، وقيل: بالعجب، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقيل: المراد بالأعمال الصدقات أي تبطلوها بالمن والأذى، وقيل: لا تبطلوا طاعاتكم بمعاصيكم، أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة أنه قال في الآية: من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سوء فليفعل ولا قوة إلا بالله تعالى).
أقول: قد استدلّ فقهاء الحنفية بقوله تعالى وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ على أنّه من دخل في شئ من العبادات المشروعة فعليه إتمامها، ولا يصح له إبطالها، فمن تلبّس بصلاة نافلة فقد وجب عليه الإتمام، وإذا أبطلها فعليه قضاؤها، ومن تلبّس بصوم نافلة فعليه الإتمام، وإذا أفطر وجب عليه القضاء، ومن تلبّس بحج نافلة، فعليه الإتمام، وإذا نقضه فعليه القضاء.
٢ - [كلام ابن كثير عن آية وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ .. وحديث عن تولّي الفرس لواء الإسلام]
عند قوله تعالى وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم وابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم تلا هذه الآية وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضي الله عنه ثم قال: «هذا