للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ أي برسالة صالح كافِرُونَ قالوا هذا مع وضوح الآية وظهور الحجة- فعليهم اللعنة-

فَعَقَرُوا النَّاقَةَ أي قتلوها وذبحوها ومع أن العاقر واحد منهم فإنه قد نسب الفعل إلى جميعهم لأنه كان برضاهم. قال قتادة: بلغني أن من قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون بقتلها حتى على النساء في خدورهن، وعلى الصبيان جميعهم وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ أي وتولوا عن دين ربهم واستكبروا عنه، ويمكن أن يكون المراد بأمر الله أمره لهم في أمر الناقة أن يذروها تأكل في أرض الله وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا أي من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ

فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أي الصيحة التي زلزلت لها الأرض واضطربوا لها فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ أي في بلادهم أو مساكنهم جاثِمِينَ أي ميتين يقال: الناس جثم أي:

قعود لا حراك بهم ولا يتكلمون

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ أي لما عقروا الناقة وَقالَ عند فراقه إياهم يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ أي الآمرين بالهدى وسبب عدم حب الناصح استحلاء الهوى، ولم يزل الناس قديما وحديثا هذا دأبهم يستثقلون النصيحة حتى المؤمنون منهم إلا الصديقون فما بالك بالكافرين. قال النسفي: والنصيحة

منيحة تدرأ الفضيحة، ولكنها وخيمة تورث السخيمة.

أقول: إلا إذا كان المنصوح صديقا والناصح مخلصا.

[فوائد]

١ - قال صاحب الظلال: (ولا يذكر السياق هنا أين كان موطن ثمود ولكنه يذكر في سورة أخرى أنهم كانوا في الحجر- وهي بين الحجاز والشام- ونلمح من تذكير صالح لهم أثر النعمة والتمكين في الأرض لثمود، كما نلمح طبيعة المكان الذي يعيشون فيه فهو سهل وجبل، وقد كانوا يتخذون في السهل القصور، وينحتون في الجبال البيوت فهي حضارة عمرانية واضحة المعالم في هذا النص القصير، وصالح يذكرهم استخلاف الله لهم من بعد عاد وإن لم يكونوا في أرضهم ذاتها ولكن يبدو أنهم كانوا أصحاب الحضارة العمرانية التالية في التاريخ لحضارة عاد وأن سلطانهم امتد خارج الحجر أيضا وبذلك صاروا خلفاء ممكنين في الأرض محكمين فيها وهو ينهاهم عن الانطلاق في الأرض بالفساد اغترارا بالقوة والتمكين وأمامهم العبرة ماثلة في عاد الغابرين).

٢ - قال ابن كثير: (قال علماء التفسير والنسب ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهو أخو جديس بن عاثر، وكذلك قبيلة طسم، كل هؤلاء كانوا أحياء من

<<  <  ج: ص:  >  >>