للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - يقال إن فرعون موسى هو رعمسيس الثاني فإذا صح هذا فإنه من الثابت تاريخيا أن رعمسيس الثاني هذا قد حقق انتصارات جمة في معارك كثيرة وقد أصدر منشورا عممه على مصر أعلن فيه ربوبيته- كما تذكر آثار مصر- ومن ثم ندرك من خلال هذا جانبا من معنى قوله تعالى وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ.

..........

وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ هذا دليل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن وفي هذا درس عظيم؛ فبدون التوكل على الله لا تستطيع أمة ولا جماعة ولا فرد أن تحقق هدفا يفرضه الإسلام، أو تتخلص من أوضاع ظالمة،

وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك فَقالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا وتوجهوا إلى الله بالدعاء رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا بنا، أي لا تظفرهم بنا ولا تسلطهم علينا فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل، وهناك تفسير آخر لمجاهد وهو: لا تسلطهم علينا فيفتنونا، ودعوا دعوة أخرى

وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ أي وخلصنا برحمة منك وإحسان مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ أي الذين كفروا الحق وستروه، دعوا بالعافية والنجاة وهكذا المؤمن كثير الإشفاق، راغب بفضل الله، حريص على العافية، يطلبها من الله، وإذا وضعه الله في ظرف قام بأدب الوقت فيه، من صبر، أو تحمل أو قتال، أو مقابلة بمثل ...

[فائدة]

بمناسبة قوله تعالى: فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ يقول ابن كثير: أي فإن الله كاف من توكل عليه أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ (الزمر: ٣٦) وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (الطلاق: ٣) وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين العبادة والتوكل كقوله تعالى فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (هود: ١٢٣) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا (الملك: ٢٩) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (المزمل: ٩) وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهـ.

أقول: والقرآن بين العبادة والتوكل يفيد أنهما مرتبطان ببعضهما، فمن لا عبادة له لا توكل له، ومن ثم فإن الدعاة والمصلحين والمربين عليهم أن يعلقوا قلوب أتباعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>