للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ جاء ذلك في معرض الكلام عمن يهتدون بهذا القرآن، وعمن يستحقون البشارة به، فإن نجد مجموعة تتحدث عن اليوم الآخر وعن الكافرين به وترد عليهم فذلك يتفق مع سياق السورة وموضوعها الرئيسي، لاحظ الصلة بين قوله تعالى عن الذين لا يؤمنون بالآخرة في مقدمة السورة: فَهُمْ يَعْمَهُونَ وبين قوله تعالى في هذه المجموعة بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ

٢ - لقد جاء في الآيات الأربع الأخيرة رد على موقف للكافرين من اليوم الآخر والآن يأتي تساؤل للكافرين ورد عليه.

...

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ أي وعد العذاب، أو وعد مجيء اليوم الآخر إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم أنه آت أي حددوا له وقتا

قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ أي قرب ودنا أو أزف لكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ دل على أن طلبهم تحديد الوعد استعجال منهم لمجيئه، فقيل لهم: عسى أن يكون ردفكم، أي لحقكم بعضه بما يسلطه الله عليهم في الدنيا. قال النسفي: وعسى، ولعل، وسوف، في وعد الملوك ووعيدهم يدل على صدق الأمر وجده، فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده

وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ أي في إسباغه نعمه عليهم مع ظلمهم لأنفسهم، واستحقاقهم العذاب وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ أي أكثرهم لا يعرفون حق النعمة، ولا يشكرونه، فيكفرون ويستعجلون العذاب

وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أي ما تخفي وَما يُعْلِنُونَ أي وما يظهرون من القول، فليس تأخير العذاب عنهم لخفاء حالهم، ولكن له وقت مقدر، أو أنه يعلم ما يخفون وما يعلنون من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكايدهم، وهو معاقبهم على ذلك بما يستحقونه

وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ يعني وما من شئ يغيب ويخفى في الأرض أو في السماء إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي ظاهر بين لمن ينظر فيه من الملائكة، وهو اللوح المحفوظ.

والمعنى: وما من شئ شديد الغيبوبة إلا وقد علمه الله وأحاط به وأثبته في اللوح المحفوظ. أقول: ويحتمل أن يكون المراد بالكتاب المبين القرآن، الذي وصف بذلك في أول السورة، فيكون المعنى: أن هذا القرآن تحدث عن كل غيب في السماء والأرض، ويرجح هذا الاتجاه أن الآية بعده تتحدث عن القرآن

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>