(والسماوات والأرض خلق عجيب هائل دقيق .. هذه الأرض التي نعيش عليها ويشاركنا ملايين الأجناس والأنواع، ثم لا نبلغ نحن شيئا من حجمها، ولا شيئا من حقيقتها، ولا نعلم عنها حتى اليوم إلا القليل .. هذه الأرض كلها تابع صغير من توابع الشمس التي تعيش أرضنا الصغيرة على ضوئها وحرارتها .. وهذه الشمس واحدة من مائة مليون في المجرة الواحدة التي تتبعها شمسنا، والتي تؤلف دنيانا القريبة! وفي الكون مجرات أخرى كثيرة. أو دنييات كدنيانا القريبة. عد الفلكيون حتى اليوم منها مائة مليون مجرة بمناظيرهم المحدودة. وهم في انتظار المزيد كلما أمكن تكبير المناظير والمراصد. وبين مجرتنا أو دنيانا والمجرة التالية لها نحو خمسين وسبع مائة ألف سنة ضوئية (السنة الضوئية تقدر بستة وعشرين مليون مليون من الأميال!) .. وهناك كتل ضخمة من السدم التي يظن أنه من نثارها كانت تلك الشموس. وهذا هو الجزء الذي يدخل في دائرة معارفنا الصغيرة المحدودة!
تلك الشموس التي لا يحصيها العد. لكل منها فلك تجري فيه. ولمعظمها توابع ذات مدارات حولها كمدار الأرض حول الشمس .. وكلها تجري وتدور في دقة وفي دأب. لا تتوقف لحظة ولا تضطرب. وإلا تحطم الكون المنظور واصطدمت هذه الكتل الهائلة السابحة في الفضاء الوسيع.
هذا الفضاء الذي تسبح فيه تلك الملايين التي لا يحصيها العد، كأنها ذرات صغيرة. لا نحاول تصويره .. فذلك شئ يدير الرءوس!
وأين الناس من ذلك الخلق الهائل العجيب؟ بَلى! وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
[كلمة في سياق المجموعة والمقطع]
انصبّ الكلام في المجموعة الأخيرة على إقامة الدليل على مجئ اليوم الآخر، لأن الإنذار والقيام بالتكليف، والقيام بالشكر، مرجعه كله إلى الإيمان باليوم الآخر، كما فصّلت ذلك سورة سبأ من قبل، وبهذا تكامل الإنذار في المقطع الثاني. بدأ المقطع الثاني بلفت النظر إلى هلاك الماضين، ثم ثنّى في سياقه الرئيسي بلفت النظر إلى النعمة، ثم ثلّث بلفت النظر إلى ما يوجب الإيمان باليوم الآخر. ومن ثمّ كانت بداية المجموعات: