للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتظرون إِلَّا تَأْوِيلَهُ أي إلا عاقبة أمره وما يؤول إليه من تبين صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد قال الربيع: لا يزال يجئ من تأويله أمر حتى يتم يوم الحساب حتى يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فيتم تأويله يومئذ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ أي يوم القيامة يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ أي تركوه وأعرضوا عنه مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ أي تبين وصح أنهم جاءوا بالحق فأقروا حين لا ينفعهم فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أي هل يشفع لنا شافع، أو هل نرد فنعمل على حسب الأمر ونترك ما كنا عليه قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي ما كانوا يعبدونه من الأصنام

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ والحكمة في كون الخلق في ستة أيام، مع قدرة الله على خلقها دفعة واحدة، للإعلام بالتأني في الأمور، ولأن لكل عمل يوما، ولأن إنشاء شئ بعد شئ أدل على عالم، مدبر، مريد، يصرفه على اختياره، ويجريه على مشيئته، ومر معنا في المعني العام الخلاف في كون الستة أيام من أيامنا أو من أيام الله، ومر معنا في سورة البقرة كلام حول موضوع خلق السموات والأرض، وسنتحدث في سورة هود عن هذا المعنى بتفصيل أكثر إن شاء الله، وتفصيله النهائي في سورة فصلت والنازعات. ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ أي يجعل الليل يلحق النهار فيغطيه يَطْلُبُهُ حَثِيثاً أي سريعا. قال النسفي: والطالب هو الليل، وهذا موضوع مهم فيه معجزة كما سنرى في الفوائد وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ أي وخلق الشمس والقمر والنجوم مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أي مذللات بأمره التكويني أَلا لَهُ الْخَلْقُ أي هو الذي خلق الأشياء كلها وهو الخالق وحده وَالْأَمْرُ فمن حقه التشريع والتكليف وليس لأحد معه حق في الأمر إلا بإذنه تَبارَكَ اللَّهُ أي كثر خيره أو دام بره رَبُّ الْعالَمِينَ خالقهم وسيدهم والمهيمن عليهم، والمسيطر المسخر

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً أي وأنتم ذو وتضرع وخفية، والتضرع من الضراعة وهي الذل، والخفية الإسرار، والمعنى: ادعوا ربكم تذللا وتملقا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ أي المجاوزين ما أمروا به في كل شئ من الدعاء وغيره، وعن ابن جريج:

الرافعين أصواتهم بالدعاء، وعنه: الصياح في الدعاء مكروه وبدعة.

وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أي بالمعصية بعد الطاعة، أو بالشرك بعد التوحيد، أو بالظلم بعد العدل، أو بالبدعة بعد السنة، أو بتعطيل الشريعة بعد إقامتها، أو

هذا كله وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً أي: ادعوه خائفين من الرد، طامعين في الإجابة. أو خائفين من النيران، طامعين في الجنان. أو خائفين من الفراق،

<<  <  ج: ص:  >  >>