هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ محمد صلى الله عليه وسلم آياتٍ بَيِّناتٍ أي:
حججا واضحات، ودلائل باهرات، وبراهين قاطعات يعني في هذا القرآن لِيُخْرِجَكُمْ الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم بدعوته بهذا القرآن مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أي: من ظلمات الكفر والشك والحيرة إلى نور الإيمان واليقين، قال ابن كثير: أي:
من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ أي: كثير الرأفة كثير الرحمة قال ابن كثير: أي: في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس وإزاحة العلل وإزالة الشبه.
[كلمة في السياق]
١ - استدل عليهم للإيمان بالله بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما استقر في فطرهم، وبما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم من القرآن، فحال الرسول يدل على الله، والقرآن يدل على الله، وما ركب في الفطرة من بداهة الاعتراف بوجود الله يدل على الله، فكيف بعد ذلك كله يتأبى الإنسان عن الإيمان بالله!، وقد دللنا في سلسلة الأصول الثلاثة، على أن النظر العقلي في الكون يدل على الله، وعلى أن ظواهر القرآن تدل على الله، وعلى أن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أظهر الله على يديه من المعجزات يدل على الله، وهذه المجموعة تذكر هذا كله هاهنا كأدلة توصل إلى الإيمان بالله، وفي معرض ذلك ذكرت قضية الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم كبديهية من البديهيات بسبب ما أنزل الله عليه من البينات. فالآية الأولى من المقطع أمرت بالإيمان بالله والرسول، وأمرت بالإنفاق، وجاءت المجموعة الأولى من الفقرة الأولى فحثت على الإيمان بالله، والآن ستأتي مجموعة ثانية تحث على الإنفاق ولم تأت مجموعة خاصة بالإيمان بالرسول؛ لأن المجموعة التي حثت على الإيمان بالله تحدثت ضمنا عما يوجب الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم.
٢ - تبدأ الآيات الأولى من سورة البقرة والتي هي محور سورة الحديد بقوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، وقد جاء في المجموعة التي مرت معنا قوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وفي ذلك تقرير لكون هذا القرآن منزلا من عند الله، وأنه منزه عن الريب، وأن فيه الهداية، وأنه يدل على الله. فصلة ما جاء في المجموعة الأولى من الفقرة الأولى بمحور السورة واضحة.