وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ أي: وقدّرنا لهؤلاء الكافرين المعرضين عن العبادة أخدانا وملازمين من الشياطين، شياطين الإنس والجن، سلّطناهم عليهم فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ قال ابن كثير:(أي: حسّنوا لهم أعمالهم في الماضي، وبالنسبة إلى المستقبل فلم يروا أنفسهم إلا محسنين) وقال النسفي: أي: (زينوا لهم ما تقدّم من أعمالهم وما هم عازمون عليه، أو ما بين أيديهم من أمر الدنيا واتّباع الشهوات، وما خلفهم من أمر العاقبة، وأن لا بعث ولا عذاب ولا حساب) وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أي: كلمة العذاب فِي أُمَمٍ أي: في جملة أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ أي: من قبل كفار هذه الأمّة مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ هذا تعليل لاستحقاقهم العذاب، والضمير لهم وللأمم، أي:
استوى الجميع في النار والدّمار، وكأثر عن هذا التزيين فإنّهم يحاربون القرآن بكل الوسائل، ومن ثم قال تعالى:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ إذا قرئ وَالْغَوْا فِيهِ أي:
شوّشوا عليه وعارضوه بكلام غير مفهوم لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ لتغلبوا على قراءته.
وتغلبوا قرّاءه ومبلغيه ودعاته باستعمالكم كل أساليب التشويش: بالجحود والإنكار، والرد والطعن، والصفير والتصفيق، والغناء مع عدم السماع، قال تعالى مهدّدا لهم وموعدا إياهم:
فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً قال ابن كثير: أي: في مقابلة ما اعتقدوه في القرآن وعند سماعه. وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أي: بشّر أعمالهم وسيّئ أفعالهم. قال النسفي: أي: ولنجزينّهم أعظم عقوبة على أسوأ أعمالهم وهو الكفر
ذلِكَ أي: الجزاء الأسوأ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ ثم فسّر ماهيته فقال:
النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ فلا يخرجون منها جَزاءُ أي: جوزوا بذلك جزاء بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ أي: بسبب جحودهم بآيات الله أي بالقرآن