٢ - أمرت المجموعة التي مرت معنا من هذه الفقرة بالصبر على قضاء الله عزّ وجل، وترك طاعة الآثمين والكافرين، وأمرت بالصلوات، ومن قبل ذكرت السورة بشكل ضمني: بالوفاء بالنذر، وبإطعام الطعام، وبالخوف من الله عزّ وجل، وبالصبر، وبالشكر، وحذرت من الكفر، وذكرت ما أعد الله للكفار، وما أعده للأبرار، وهذه معان تعتبر أمهات في الطريق إلى الله عزّ وجل، ومن ثم يأتي الآن مباشرة قوله تعالى عن السورة: إِنَّ هذِهِ أي: السورة تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا.
٣ - لنتذكر الآن محور السورة من سورة البقرة: بعد مقدمة سورة البقرة جاءت آيات تأمر بالعبادة للوصول إلى التقوى، وتذكر بمعان تستوجب الشكر من العبد، ثم أقامت الحجة على من يرتاب بالقرآن، وحذرت من النار، وأمرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبشير الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقد فصلت سورة الإنسان حتى الآن في هذا كله، وبعد ذلك يأتي في سورة البقرة قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ والمجموعة الأخيرة من سورة الإنسان تتحدث عن معنى موجود في هذه الآية، وهو أن الهداية والضلال بمشيئة الله عزّ وجل، ولا شئ يخرج عن مشيئته تعالى، فالكافرون لم يكفروا ولم يضلوا إلا بمشيئته، وفي ذلك مظهر من مظاهر عزة الله عزّ وجل، فليس الكافر يعصي قهرا لله، بل يفعل ذلك بمشيئة الله، ولا يجني إلا على نفسه، هذا مع العلم أن الله عزّ وجل لا يضل أحدا إلا بسبب، فكون الإضلال بمشيئة الله لا ينفي اختيار الإنسان، وهكذا نجد أن سورة الإنسان فصلت في الآيات السبع الآتية بعد مقدمة سورة البقرة، فلنر المجموعة الثانية من الفقرة الثانية.
[تفسير المجموعة الثانية.]
إِنَّ هذِهِ أي: السورة تَذْكِرَةٌ أي: عظة فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا قال النسفي: بالتقرب إليه بالطاعة له واتباع رسوله، وقال ابن كثير: أي: