وهاهنا نلاحظ أن سورة آل عمران بدأت بقوله تعالى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وهي بداية آية الكرسي، وبنت على ما يترتب على أن الله كذلك في قسمها الأول، ثم فصلت في المعاني التي سبقت آيتي الإنفاق والكرسي. فههنا تعرض المعاني عرضا جديدا على غير ترتيب عرضها في سورة البقرة لمقتضيات الحكمة والسياق.
وإنما أشرنا هذه الإشارة لنؤكد أن لكل سورة سياقها، وأن لكل سورة محورها في سورة البقرة، وأن السورة كما تفصل في محورها من سورة البقرة، تفصل في
امتدادات معاني هذا المحور في تلك السورة. والموضوع سيتكشف لنا شيئا فشيئا من خلال العرض الشامل للقرآن الكريم. وقبل أن ننتقل إلى عرض القسم الثالث من السورة نحب أن نعقد فصولا، وننقل نقولا لها صلة بالقسم الثاني
[فصول ونقول]
فصل مؤجل: كيف حدثت هذه العملية الفظيعة: أن ينتقل أتباع المسيح عليه السلام من التوحيد إلى التثليث؟ موضوع سنفصل فيه إن شاء الله عند قوله تعالى في سورة براءة: يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فلنؤجل الكلام فيه.
[فصل: في رفع عيسى عليه السلام وهو حي]
الذي عليه أهل التحقيق، أن عيسى عليه السلام رفعه الله إليه وهو حي. والوفاة المذكورة في قوله تعالى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ المراد بها النوم، أو أنه من باب المقدم والمؤخر والتقدير: إني رافعك إلى ومميتك بعد ذلك أي عند نزولك الأرض مرة ثانية، ففي ذلك بشارة له أنه سيموت موتا ولا يقتل قتلا، لا حالا ولا استقبالا.
قال ابن كثير بعد مجموعة نقول: «قال مطر الوراق: إني متوفيك من الدنيا وليس بوفاة موت، وكذا قال ابن جرير توفيه: هو رفعه، وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا النوم كما قال تعالى وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ الآية (سورة الأنعام) وقال تعالى اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها الآية: (سورة الزمر) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من النوم: «الحمد الله الذي أحيانا بعد ما أماتنا» الحديث، وقال تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً* وَقَوْلِهِمْ