القديم، لأن الكتاب الذي يصدقه من قبله حق، بدليل ما فيه من الهدى والرحمة.
كلمة في السياق: [حول الربط بين آيات السورة وسورة البقرة]
بعد آية وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا. من المحور، يأتي قوله تعالى فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ* وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ. وها هي ذي الآية التي مرّت معنا من سورة الأحقاف تقول: لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ وها هي ذي الآية اللاحقة تذكر الذين يستحقون البشارة من هم؟ وماذا أعدّ لهم؟.
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ فاعترفوا لله بالربوبية، وعلى أنفسهم بالعبودية ثُمَّ اسْتَقامُوا على أمره وشريعته فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أي: فيما يستقبلونه أو في القيامة وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلّفوا أو عند الموت.
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ دلّ ذلك على أن أعمالهم التي وفقهم الله إليها هي سبب لنيل الرحمة لهم وسبوغها عليهم.
قال صاحب الظلال عند قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا:
وقوله: رَبُّنَا اللَّهُ. إنما هي منهج كامل للحياة، يشمل كل نشاط فيها وكل اتجاه، وكل حركة وكل خالجة؛ ويقيم ميزانا للتفكير والشعور، وللناس والأشياء، وللأعمال
والأحداث، وللروابط والوشائج في كل هذا الوجود.
رَبُّنَا اللَّهُ فله العبادة، وإليه الاتجاه. ومنه الخشية وعليه الاعتماد.
رَبُّنَا اللَّهُ فلا حساب لأحد ولا لشئ سواه، ولا خوف ولا تطلّع لمن عداه.
رَبُّنَا اللَّهُ فكل نشاط وكل تفكير وكل تقدير متجه إليه، منظور فيه إلى رضاه.
رَبُّنَا اللَّهُ فلا احتكام إلا إليه، ولا سلطان إلا لشريعته، ولا اهتداء إلا بهداه.
رَبُّنَا اللَّهُ فكل من في الوجود وكل ما في الوجود مرتبط بنا ونحن نلتقي به في صلتنا بالله.