يراهما، ويستطيع أن يقيس نفسه إليهما. ولكنه حين (يعلم) حقيقة النسب والأبعاد، وحقيقة الأحجام والقوى، يطامن من كبريائه، ويتصاغر ويتضاءل حتى ليكاد يذوب من الشعور بالضآلة. إلا أن يذكر العنصر العلوي الذي أودعه الله إياه، والذي من أجله كرمه. فهو وحده الذي يمسك به أمام عظمة هذا الكون الهائل العظيم. ولمحة خاطفة عن السموات والأرض تكفي لهذا الإدراك.
هذه الأرض التي نحيا عليها تابع صغير من توابع الشمس تبلغ كتلتها ثلاثة من مليون من كتلة الشمس! ويبلغ حجمها أقل من واحد من مليون من حجم الشمس.
وهذه الشمس واحدة من نحو مائة مليون من الشموس في المجرة القريبة منا؛ والتي نحن منها. وقد كشف البشر- حتى اليوم- نحو مائة مليون من هذه المجرات! متناثرة في الفضاء الهائل من حولها.
والذي كشفه البشر جانب ضئيل صغير لا يكاد يذكر من بناء الكون! وهو- على ضآلته- هائل شاسع يدير الرءوس مجرد تصوره. فالمسافة بيننا وبين الشمس حوالي ثلاثة وتسعين مليونا من الأميال. ذلك أنها رأس أسرة كوكبنا الأرضي الصغير. بل هي- على الأرجح- أم هذه الأرض الصغيرة. ولم تبعد أرضنا عن أحضان أمها بأكثر من هذه المسافة: ثلاثة وتسعين مليونا من الأميال.
أما المجرة التي تتبعها الشمس فقطرها حوالي مائة ألف مليون سنة .. ضوئية .. والسنة الضوئية تعني مسافة ستمائة مليون مليون ميل! لأن سرعة الضوء هي ستة وثمانون ومائة ألف ميل في الثانية!.
وأقرب المجرات الأخرى إلى مجرتنا تبعد عنا بنحو خمسين وسبعمائة ألف سنة ضوئية .. ! ونذكر مرة أخرى أن هذه المسافات وهذه الأبعاد وهذه الأحجام هي التي استطاع علم البشر الضئيل أن يكشف عنها. وعلم البشر هذا يعترف أن ما كشفه قطاع صغير في هذا الكون العريض!).
٢ - [كلام صاحب الظلال عن آداب الدعاء بمناسبة آية ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .. ]
وقال صاحب الظلال عند قوله تعالى: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ:
وللدعاء أدب لا بد أن يراعى. إنه إخلاص القلب لله. والثقة بالاستجابة مع عدم اقتراح صورة معينة لها، أو تخصيص وقت أو ظرف، فهذا الاقتراح ليس من أدب