للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذرة. بل يوفيها له، ويضاعفها له إن كانت حسنة ويعطي الجنة. ثم بين تعالى هول يوم القيامة، وشدة أمره وشأنه حين يأتي الأنبياء شهداء على أقوامهم، ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا على قومه وأمته. يومئذ يود الذين كفروا لو انشقت الأرض وبلعتهم، مما يرون من أهوال الموقف، وما يحل بهم منه من الخزي، والفضيحة، والتوبيخ، يومئذ يعترفون بجميع ما فعلوه، ولا يكتمون منه شيئا وبهذه المعاني يختم هذا المقطع الذي بين قضايا رئيسية في موضوع التقوى، من عدم أكل الأموال بالباطل، وعدم قتل الأنفس، ووجوب اجتناب الكبائر، وعدم تمني ما للآخرين، وألزم بقوامية الرجال على النساء، وبين حدود معالجة المنشوز. كما أمر بالعبادة، والتوحيد، وترك الاختيال والفخر والبخل. وبعد ذلك تأتي هذه المعانى المرغبة، المرهبة. إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ.

[المعنى الحرفي]

إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ: قال النسفي: (وقيل: كل جزء من أجزاء الهباء في الكون ذرة). وهذا معنى عظيم، فالهباءة على هذا القول مؤلفة من ذرات كثيرة.

وعلى هذا فإن النسفي يفسر الذرة في الصغر بما نفسرها به الآن من كونها أصغر وحدة مستقلة في المادة. فالله- عزّ وجل- لا ينقص عمل أحد مثقال هذه الذرة من خير، أو شر. وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها. أي: وإن تكن مثقال الذرة حسنة، يضاعف ثوابها. وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً. أي: ويعطي صاحبها من عنده ثوابا عظيما، وما وصفه الله بالعظم فمن يعرف مقداره؟ مع أنه سمى متاع الدنيا قليلا. وفيه إبطال قول المعتزلة في تخليد مرتكب الكبيرة، مع أن له حسنات كثيرة.

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ. أي فكيف يصنع هؤلاء الكافرون إذا جئنا من كل أمة بشهيد، يشهد عليهم بما فعلوه، وهو نبيهم. وَجِئْنا بِكَ يا محمد.

عَلى هؤُلاءِ. أي: على أمتك شَهِيداً. أي: شاهدا على من آمن بالإيمان، وعلى من كفر بالكفر، وعلى من نافق بالنفاق.

روى البخاري عن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي.

<<  <  ج: ص:  >  >>