ومجئ قوله تعالى فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ* وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ... بعد ذكر عدد من آيات الله يفيد أن رؤية الآيات تقتضي الفرار إلى الله، وعدم الشرك به، أي: تفيد أنه يترتب على فهمنا لهذه الآيات ووجودها أن نفر إلى الله، ولا نشرك به، ولكن من من الناس يفعل ذلك؟ لا شك أن القليل وحده هو الذي يفعل ذلك، والكثير الكثير يرفض النذارة، ومن ثم تأتي المجموعة السابعة:
[تفسير المجموعة السابعة]
كَذلِكَ أي: كتكذيب هؤلاء لك، ورفضهم نذارتك، وتسميتك ساحرا أو مجنونا ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي: من قبل هؤلاء الكافرين من أمتك مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فلغة الكفر في كل العصور واحدة، قال الله عزّ وجل
أَتَواصَوْا بِهِ أي: أتواصى الأولون والآخرون بهذا القول، حتى قالوه جميعا، متفقين عليه بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ أي: لم يتواصوا به لأنهم لم يتلاقوا في زمان واحد، بل جمعتهم العلة الواحدة وهي الطغيان، والطغيان هو الحامل عليه
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أي: فأعرض عنهم قال النسفي: (أي) فأعرض عن الذين كررت عليهم الدعوة فلم يجيبوا عنادا فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ قال النسفي: فلا لوم عليك في إعراضك عنهم بعد ما بلغت الرسالة، وبذلت مجهودك في البلاغ والدعوة
وَذَكِّرْ قال النسفي: وعظ بالقرآن فَإِنَّ الذِّكْرى أي: التذكير تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ قال النسفي: بأن تزيد في عملهم، وقال ابن كثير: أي إنما تنتفع بها القلوب المؤمنة.
فبعد أن رتب الله عزّ وجل على رؤية الآيات ضرورة الفرار إليه وترك الشرك، تحدث عن إعراض الكافرين، وأمر بناء على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عنهم، وأن يذكر المؤمنين، ثم تأتي بعد ذلك خاتمة السورة.