للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الجور والقحط والجهد

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ أي على السرير، أي أجلسهما معه على سريره وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أي سجد له أبواه وإخوته الباقون، وكانوا أحد عشر رجلا وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ أي تعبير وتفسير رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ وهي التي قصها الله تعالى في ابتداء القصة قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا أي صادقة وَقَدْ أَحْسَنَ بِي أي إلي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ولم يذكر الجب لقوله لا تثريب عليكم، وهذا من كمال ذوقه ولطفه وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ أي من البادية لأنهم كانوا أصحاب مواش ينتقلون في المياه والمناجع مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ أي أفسد بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ أي لطيف التدبير لما يشاء، أي إذا أراد أمرا قيض له أسبابا، وقدره ويسره إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ أي بمصالح عباده الْحَكِيمُ في أقواله وأفعاله وقضائه وقدره وما يختاره ويريده، فإن أخر الآمال إلى آجال فلحكمة، أو حكم بالائتلاف بعد الاختلاف فلحكمة، وكل أفعاله حكمة،

ثم دعا بعد أن تمت عليه النعمة باجتماعه بأبويه وإخوته وما من الله به عليه من النبوة والملك رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ أي السلطان وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أي تعبير الرؤيا، أو تفسير كتب الله، واستعماله للفظ (من) في الحالين وهي تفيد التبعيض إشارة إلى أنه لم يؤت إلا بعض ملك الدنيا فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي يا خالق السموات والأرض أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أي أنت تتولاني بالنعمة في الدارين، بوصل الملك الفاني بالملك الباقي، تَوَفَّنِي مُسْلِماً طلب الوفاة على حال الإسلام مع أنه رسول معصوم ليقتدي به قومه، ومن بعده ممن ليس بمأمون العاقبة وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ من آبائي أو على العموم. وهكذا انتهت القصة ولم يبق من السورة إلا خاتمتها.

[فوائد]

١ - هذا المشهد الطويل الأخير موجود في التوراة الحالية من الإصحاح (٤٢) إلى الإصحاح (٤٧) من سفر التكوين وتحريف النساخ والرواة في هذه الإصحاحات ظاهر، فمثلا تذكر رواية التوراة الحالية أن يوسف عليه السلام في الرحلة الأولى احتجز أحد إخوته وهو شمعون، ويعتمد هذا بعض المفسرين. يذكر هذا في الإصحاح الثاني والأربعين ولكنا نلاحظ بعد ذلك أن الإصحاح الثالث والأربعين يذكر كيف أن الجوع عض يعقوب وأهله حتى أمرهم بالعودة إلى مصر فرفضوا إلا أن يأخذوا بنيامين، وليس في هذا التباطؤ ما يشير إلى أن هناك أخا يحتاج إلى إنقاذ. وفي هذا الإصحاح نجد هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>