للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً: قال: (كانت هذه للمعتدة، تعتد عند أهل زوجها واجب. فأنزل الله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ .. قال: جعل الله تمام السنة سبعة أشهر؛ وعشرين، وصية إن شاءت سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت. وهو قول الله:

غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ. فالعدة أربعة أشهر وعشر واجب عليها، وهذه الآية لم تدل على وجوب الاعتداد سنة كما قال الجمهور، حتى يكون ذلك منسوخا بالأربعة أشهر وعشر. وإنما دلت على أن ذلك من باب الوصاية بالزوجات أن يمكن من السكن في بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولا كاملا إن اخترن ذلك. ولهذا قال:

وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ: ولا يمنعن من ذلك لقوله: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ. قال ابن كثير: (وهذا القول له اتجاه، وفي اللفظ مساعدة له. وقد اختاره جماعة منهم أبو العباس بن تيمية. ورده آخرون منهم الشيخ أبو عمرو بن عبد البر. والجميع متفقون على أن العدة الواجبة أربعة أشهر وعشر، أو وضع الحمل. والجميع متفقون على أنه لا يجب عليها أن تعتد سنة. يبقى الخلاف هل يندب لزوجها أن يوصي لها بالبقاء في بيت الزوجية تتمة السنة؟ فعلى القول بأنها منسوخة، لا يندب له. ولكنه لو أوصى، وأجازت الورثة فلها حق البقاء تتمة السنة. وعلى القول بأنها غير منسوخة يندب له ولها حق البقاء تتمة السنة. والذي نذهب إليه هو مذهب الجمهور في أن الآية منسوخة. لأنه إذا لم نقل بالنسخ، نعطي وارثا من الورثة؛ وصية زائدة على حقه الشرعي. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وصية لوارث». ولكنا في الوقت نفسه نقول: لو لاحظت الورثة ذلك فإنه يكون حسنا.

- وفي الآية الثانية توكيد لوجوب المتعة الذي مر معنا من قبل. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما نزل قوله تعالى: مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. قال رجل: إن شئت أحسنت ففعلت. وإن شئت لم أفعل. فأنزل الله هذه الآية:

وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. وفي الآية الثالثة من الله عزّ وجل علينا بتبيان آياته في إحلاله، وتحريمه. وفروضه، وحدوده فيما أمرنا به، ونهانا عنه.

فبينه، ووضحه، وفسره، ولم يتركه مجملا في وقت احتياجنا إليه. وبين أن ذلك كله من أجل أن نعقل، فلا عقل، ولا فهم، ولا تدبر إلا إذا فهم الإنسان آيات الله.

المعنى الحرفي:

<<  <  ج: ص:  >  >>