قدم ابن كثير لسورة الشمس وضحاها بقوله:(نقدم حديث جابر الذي في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: «هلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى؟).
وقال الألوسي في تقديمه لهذه السورة:(ولما ختم سبحانه السورة المتقدمة بذكر أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، أعاد جل شأنه في هذه السورة الفريقين على سبيل الفذلكة بقوله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها وفي هذه فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها وهو كالبيان لقوله تعالى في الأولى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ على أول التفسيرين، وختم سبحانه الأولى بشيء من أحوال الكفرة في الآخرة وختم جل وعلا هذه بشيء من أحوالهم في الدنيا).
وقال صاحب الظلال:(هذه السورة القصيرة ذات القافية الواحدة، والإيقاع الموسيقي الموحد، تتضمن عدة لمسات وجدانية تنبثق من مشاهد الكون وظواهره التي تبدأ السورة والتي تظهر كأنها إطار للحقيقة الكبيرة التي تتضمنها السورة. حقيقة النفس الإنسانية، واستعداداتها الفطرية، ودور الإنسان في شأن نفسه، وتبعته في مصيرها .. هذه الحقيقة التي يربطها سياق السورة بحقائق الكون ومشاهده الثابتة.
كذلك تتضمن قصة ثمود، وتكذيبها بإنذار رسولها، وعقرها للناقة، ومصرعها بعد ذلك وزوالها. وهي نموذج من الخيبة التي تصيب من لا يزكي نفسه، فيدعها للفجور، ولا يلزمها تقواها: كما جاء في الفقرة الأولى في السورة: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها .. ).
[كلمة في سورة الشمس]
في مقدمة سورة البقرة يختتم الكلام عن المتقين بقوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وفي سورة الشمس تأتي أقسام جوابها: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها* وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها فتحدد سورة الشمس طريق الفلاح، وطريق الخسران، فبالتقوى يكون الفلاح، وبتزكية النفس يكون الفلاح، فالمقامان واحد، ثم تحدثنا سورة الشمس عن أمة كذبت فعوقبت في الدنيا، ولذلك صلته كذلك بمحور