نصروا المسيح وللمفسرين في الصابئين اتجاهان، الاتجاه الأول: أنهم قوم بأعيانهم تجد بقاياهم الآن في العراق يعبدون النجوم والملائكة، والاتجاه الثاني: أنهم كل من فارق الباطل إلى الله ولا يعرف ما هو الدين الصحيح، وذهب بعض العلماء أنهم الذين لم تبلغهم دعوة نبي ولم يدخلوا في عبادة غير الله.
ويجب أن يكون واضحا أن المقصود بهؤلاء من المذكورين إنما هم المؤمنون بالله واليوم الآخر إيمانا حقيقيا والعاملون بدين الله مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً.
وحتى لا يقع لبس نقول: إنه لم يعد الآن نجاة لا ليهودي ولا لنصراني ولا لصابئي ولا لمجوسي ولا لغير ذلك إلا بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم إلا إذا لم تبلغه الدعوة، وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار».
وعلى هذا فاليهود المعنيون في الآية: هم من كانوا قبل عيسى ممن لم يشاركوا في المعصية واستمروا على الإيمان، أما اليهودي الذي لم يؤمن بعيسى بعد بعثته فإنه هالك، والمراد بالنصارى، النصارى الذين كانوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم ممن استمروا على الإيمان الصحيح والعمل الصالح ولم ينحرفوا بانحراف الناس، أما بعد محمد صلى الله عليه وسلم فكل نصراني هالك إذا لم يدخل في الإسلام. وكذلك الصابئون فإنهم ناجون حتى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بحكم مفارقتهم قومهم إذا أريد بهم هذا المعنى، أما بعد البعثة فكل من لم يؤمن هالك.
وصدرت الآية بالكلام عن الذين آمنوا، والمراد بهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع أنهم الآخرون وجودا، لأنهم يؤمنون بجميع الأنبياء الماضين والغيوب الآتية فكان الإيمان علما عليهم.
إن أهل الإيمان والعمل الصالح لهم السعادة الأبدية ولا خوف عليهم فيما يستقبلون ولا هم يحزنون على ما يتركونه ويخلفونه.
وبهذا انتهت الفقرة الأولى من الفصل الأول من المقطع الثالث.
[كلمة في هذه الفقرة وسياقها]
- دلنا على نهاية هذه الفقرة أنها ختمت بمثل القاعدة التي ختمت بها قصة آدم.
ودلنا على ذلك أيضا: أن الفقرة كلها كانت في التذكير بالنعم، ثم ختمت بقاعدة، ثم