فالفقرة تعرف البر، وتبين عقوبة الكتمان وبيع الآخرة بالدنيا. وبذلك فإن مقطع بني إسرائيل يكون قد غطي تغطية كاملة في السورة، وجاءت التغطية النهائية بآية البر، وبذلك أقفل الحوار مع بني إسرائيل. إذ كانت آية البر فيها إشارة إلى قضية القبلة سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ.
وهكذا نجد أن هذا المقطع قد بني على المقطع الأول والمقطع الثاني، وعلى مقطع بني إسرائيل خاصة. وفيه بناء قليل على ما جاء بعد ذلك.
إنه من خلال هذه النظرة الشاملة إلى السورة، التي رأينا من خلالها نموذجا على ترابط معاني هذه السورة، نستطيع أن نسجل ملاحظة حول السياق القرآني. هذه الملاحظة هي: إنه بدون نظرة شاملة إلى الآيات في السورة وإلى مجموع القرآن، فإن الإنسان قد لا يفطن للصلات بين الآيات والسور. فكما أن الوحدة الكلية لهذا الكون تحتاج إلى نظرة شاملة حتى تدرك. فكذلك الوحدة القرآنية، والسياق القرآني. وهذا موضوع سيتضح لنا شيئا فشيئا.
يتألف المقطع من فقرتين:
الفقرة الأولى موضوعها الرئيسي أكل الحلال.
والفقرة الثانية موضوعها كتمان ما أنزل الله، وتعريف البر.
وإنما جعلنا آيات الكتمان وآية البر فقرة واحدة للصلة التي رأيناها بين ما ورد هنا وبين مقطع بني إسرائيل، حيث اجتمع هناك الكلام عن الكتمان مع الكلام عن البر.
ولملحظ كنا ذكرناه من قبل، وهو أنه بعد الكلام عن أكل الحلال وتبيان المحرمات من الأطعمة يذكر الله عزّ وجل نموذجين من الناس. وبالتالي فإن الكلام عن النموذجين يشكل كلا متكاملا ولذلك اعتبرنا الحديث عنهما فقرة واحدة.
[تفسير الفقرة الأولى]
يقول صاحب الظلال:
«لما بين الله- سبحانه- أنه الإله الواحد، وأنه الخالق الواحد- في الفقرات