للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم أعرق خلق الله في الجهالة والباطل.

...

[كلمة في السياق]

١ - إنّ مجئ قوله تعالى: وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ بعد ما ذكر من قول الكافرين يوم القيامة فيه إشارة إلى أنّ الحجة في الدنيا قد قامت عليهم بهذا القرآن، فتراخي العمر، ومرورهم بكل طور، كان كافيا للتدبر والاعتبار، ونزول القرآن كان كافيا للإيمان، ولكن العلة فيهم.

٢ - نلاحظ أن المقطع الثالث انتهى بالكلام عن موت قلوب الكافرين وعماهم وصممهم كما رأينا فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ وفي هذا المقطع تأكيد لهذا الصمم، والعمى كذلك وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ مع بيان أن هذا الختم على قلوبهم إنما كان بسبب ظلمهم ومواقفهم من أهل الإيمان، وبعد أن تبيّنت مواقف الكافرين، وثبت فسادها، وقامت عليهم الحجة، تأتي الآية الأخيرة في السورة وهي مبدوءة بقوله تعالى: فَاصْبِرْ فلنر الآية:

..

فَاصْبِرْ أي على مخالفتهم وعنادهم وأذاهم وعداوتهم إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بنصرتك على أعدائك، وإظهار دين الإسلام على كل دين، وجعله العاقبة لك، ولمن اتبعك في الدنيا والآخرة حَقٌّ لا بد من إنجازه والوفاء به.

وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ أي لا يحملنك هؤلاء الذين لا يوقنون بالآخرة على الخفة واستعجال النصر، أو لا يحملنّك على الخفّة والقلق جزعا مما يقولون ويفعلون؛ فإنهم ضلّال شاكّون لا يستبعد منهم ذلك قال ابن كثير: (أي بل اثبت على ما بعثك الله به؛ فإنّه الحقّ الذي لا مرية فيه، ولا تعدل عنه، وليس فيما سواه هدى يتبع، بل الحق كله منحصر فيه).

<<  <  ج: ص:  >  >>