القسم الأول من أقسام القرآن يشمل: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة الأنفال والأنعام وبراءة. غير أنا رأينا أن سورتي الأنفال وبراءة تعتبران في حكم السورة الواحدة، وقد رأينا كيف أن النسفي اعتبرهما سورة واحدة، وأدخلهما في السبع الطول، وإذن فهذه السور السبع تسمى السبع الطوال، وقد عنون ابن كثير في أوائل كلامه عن سورة البقرة بهذا العنوان «ذكر ما ورد في فضل السبع الطوال» ثم روى بأكثر من إسناد قوله عليه الصلاة والسلام: «أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل» ثم روى بأكثر من إسناد قوله عليه الصلاة والسلام: «من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر» غير أنه ذكر أن مجاهدا وابن جبير قد جعلا السابعة هي سورة يونس وأغفلا الأنعام وبراءة، ونحن نرجح رأي النسفي إذ هو الذي يتفق مع كون ترتيب القرآن توقيفيا، ولكوننا لا نرى فرقا بين سورة يونس وما بعدها، حتى نلحق سورة يونس بما قبلها، بدلا من أن نجعلها مع ما بعدها، خاصة وهي مبدوءة بالأحرف التي بدأت بها أكثر من سورة بعدها. إن التذوق العميق لكتاب الله يرجح إلحاق سورة يونس بالقسم الثاني من أقسام القرآن.
لقد استعرضنا القسم الأول من أقسام القرآن. ورأينا فيه إجمالا ثم تفصيلا.
رأينا سورة البقرة، ورأينا المعاني فيها كيف أنها تتسلسل على سياق، ثم رأينا كيف أن السور التالية فصلت ما أجمل في بعض آيات سورة البقرة على الترتيب نفسه.
أو نقول: إن مقاطع أو آيات في سورة البقرة أجملت، فجاءت السور الست بعدها توضح هذا الإجمال على التسلسل الوارد في سورة البقرة، والملاحظ أن السبع الطول، أي القسم الأول من أقسام القرآن يكاد يعدل ثلث القرآن تقريبا، فإذا كان القرآن كما قسموه ثلاثين جزءا، فإن السبع الطول حوالي عشرة أجزاء ونيف، وبعد ذلك يأتي القسم الثاني من أقسام القرآن، ويبدأ بسورة يونس، وينتهي بسورة القصص، ويعدل هذا القسم كذلك ثلث القرآن إلا قليلا، فهو حوالي تسعة أجزاء ونيف، وهو تسع عشرة سورة. وسنبدأ الكلام عنه في المجلد الخامس متوكلين على الله، سائلين الله أن يفتح علينا، وأن يجنبنا أن نقول على كتابه زورا أو أن نحمله ما لا يحتمل، أو أن نتكلف فيه ما ليس لنا به علم، وإذا كنا رأينا في القسم الأول كيف أن السور فصلت بعض ما