إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها أي في الجنة وَلا تَعْرى أي عن الملابس لأنها معدة أبدا فيها
وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها أي لا تعطش لوجود الأشربة وَلا تَضْحى أي لا يصيبك حر الشمس إذ ليس فيها شمس، فأهلها في ظل ممدود، قرن بين الجوع والعري لأن الجوع ذل الباطن والعري ذل الظاهر، وقرن بين الظمأ لأنه حر الباطن وهو العطش وبين الضحى الذي هو حر الظاهر، دل ذلك على أن الإنسان يحتاج إلى الطعام والشراب واللباس والسكن، وذلك كله كان مؤمنا لآدم وزوجته بدون عناء، فعصيا، فأخرجا فلم يعودا يحصلان على هذا إلا بالعناء، فكان شقاؤهما أثرا عن المخالفة وهذا الإنسان الآن على الأرض، فعند ما ينزل الله له وحيا فإنما ذلك لإسعاده لا لإشقائه، ولإعادته إلى دار سعادته، الجنة لا لغير، وإنما يزيد شقاؤه في الدنيا بإعراضه عن وحي الله ثم مأواه النار في آخرته بإعراضه عن هذا الوحي، فإذا اتضح لك هذا فقد اتضحت لك الصلة بين هذه الآيات وبين قوله تعالى في مقدمة السورة ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى
[كلمة في السياق وفي حكمة تكرار القصص القرآني]
نلاحظ في هذه السورة أن قصة آدم قد ذكرت هنا لتعليل الإشقاء، وتبيان حقيقته وهذا ينسجم مع السياق الخاص لسورة (طه) المبدوءة بقوله تعالى طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى نقول هذا لنبين أن القصة عند ما تتكرر في القرآن فإنها في كل مرة تقدم خدمة خاصة تتفق مع سياق السورة الخاص، منسجمة مع محور السورة العام، ومن الملاحظ أن كثيرا من قصص القرآن يعرض قسم منها في مكان وقسم آخر في مكان آخر، وتبرز منها بعض قضايا في مكان وتبرز منها بعض قضايا في مكان آخر، وكل ذلك لتؤدي دورها في سياق السورة ومحل السورة من السياق القرآني، هذا عدا عن كون القصة القرآنية دائما من القصص الخالد الذي يذكر الإنسان في كل حالة يحتاج الإنسان إلى أن يتذكر، وتكرار ذكر بعضها لأنها من النوع الذي يحتاج الإنسان أن يتذكره أكثر من غيره ومن ذلك قصة آدم عليه السلام فإن الإنسان يحتاج أن يتذكرها دائما. ولنعد إلى لتفسير
...
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ أي أنهى إليه الوسوسة قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وهو الخلود لأن من أكل منها خلد- بزعمه- ولا يموت وَمُلْكٍ لا