قال ابن كثير في تفسير الحنث العظيم: وهو الكفر بالله، وجعل الأوثان والأنداد أربابا من دون الله
وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ* أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ يعني: إنهم يقولون ذلك مكذبين به، مستبعدين لوقوعه
قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أي: إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم. قال ابن كثير: أي أخبرهم يا محمد أن الأولين والآخرين من بني آدم سيجمعون إلى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحد ... بوقت محدود لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ عن الهدى الْمُكَذِّبُونَ بالوحي والبعث
لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ أي: من الشراب البالغ الغاية في الحرارة
فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ أي:
الإبل المصابة بمرض العطاش، تشرب فلا تروى. قال النسفي: والمعنى أنه يسلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربون شرب الهيم
هذا نُزُلُهُمْ أي: هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يَوْمَ الدِّينِ أي: يوم الجزاء وبهذا انتهت المجموعة الأولى من السورة.
[كلمة في السياق]
شرحت المجموعة السابقة حال الناس يوم القيامة، وكان آخر الكلام فيها عن حال أصحاب الشمال الذين كانوا مترفين في الدنيا، مشركين منكرين للبعث ضالين مكذبين، وما لهم من عذاب في الآخرة، ثم تأتي المجموعة الثانية لتناقش هؤلاء بمقدمة وأربع حجج، ثم تنتهي المجموعة آمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزه اسم الله العظيم عما يقولونه، فالمجموعة تقيم الحجة على هذا الصنف، وتنتهي بالأمر بتنزيه الله، مما يفيد أن ما هم عليه يتنافى مع تنزيه الله عزّ وجل، وقبل أن نبدأ عرض المجموعة الثانية نحب أن نقف وقفة: جاء قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى:
وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقد رأينا الأسباب التي أدت إلى استحقاق أهل النار النار: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ* وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ* وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ* ... ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ... فالضلال والتكذيب باليوم الآخر، ونقض العهد والترف، هي أسباب دخول هؤلاء النار، لاحظ صلة ذلك