للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بنوع لا ينفيه عن نوع آخر. بل يبقى الحكم موقوفا على ورود دليل آخر. وقد جاء الدليل في سورة المائدة.

[شبهة]

يحاول بعض الخبثاء؛ وبعض الجاهلين أن ينسفوا التشريع الإسلامي بحجة كثرة الأقوال والمذاهب في بعض المسائل. والجواب:

١ - ما اختلف فيه لا يكون علة لنسف ما لم يختلف فيه. فمثلا في مسألتنا لم يختلف في قتل المسلم بالمسلم، أو في قتل الكافر بالمسلم. فالاختلاف في شئ لا يعني الاختلاف في كل شئ. فإذا كانوا صادقين بأنهم مؤمنون مسلمون، فليسلموا بما لا خلاف فيه، وليطبقوه. على أن ما اختلف فيه، سبيله النظر، الترجيح بطرق الترجيح التي يعتمدها أهل الحل والعقد في هذه الأمة.

٢ - إن ما اختلف فيه لا ينبغي أن يكون سببا لترك الشريعة. إذ هو حجة للشريعة إذ إن الأقوال الكثيرة في المسألة الواحدة، تجعلنا أمام خيار واسع، نختار منها ما يصلح لزماننا، وقطرنا، وحالنا. على شرط أن يكون الاختيار من أهله، ومراعى فيه الدليل، ومتحققة فيه المصلحة.

٣ - في الشريعة الإسلامية أعطي الإمام أو نائبه حق الترجيح والاختيار لما اختلف فيه من آراء. وفي ذلك ضمان لوحدة التشريع والقانون. فالاختلافات المذهبية إذن لا تعني عدم وحدة القانون المطبق على الأمة، أو على قطر من أقطارها. فكم من ميزة لهذا الإسلام ينكرونها ليجعلوها مأخذا.

[محل هذه الفقرة من السياق]

رأينا أن سورة البقرة بدأت بوصف المتقين في مقدمتها. ثم جاء السياق ب يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ليدعو الناس أن يكونوا من المتقين بسلوك طريق ذلك. وطريق ذلك: العبادة لله وحده بمفهومها الواسع الذي بينه السياق حتى نهاية آية البر.

ثم جاء هذا المقطع ليذكر لنا طريقا مساعدا للتقوى، وهو القصاص وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>