وللعلم الحديث محاولات في معرفة شئ عن معجزتي السمع والبصر نذكر منها لمحة:«تبدأ حاسة السمع بالأذن الخارجية، ولا يعلم إلا الله أين تنتهي. ويقول العلم:
إن الاهتزاز الذي يحدثه الصوت في الهواء ينقل إلى الأذن، التي تنظم دخوله، ليقع على طبلة الأذن. وهذه تنقلها إلى التيه داخل الأذن.
والتيه يشتمل على نوع من الأقنية بين لولبية ونصف مستديرة. وفي القسم اللولبي وحده أربعة آلاف قوس صغيرة متصلة بعصب السمع في الرأس».
«فما طول القوس منها وحجمها؟ وكيف ركبت هذه الأقواس- التي تبلغ عدة آلاف كل منها- تركيبا خاصا؟ وما الحيز الذي وضعت فيه؟ ناهيك عن العظام الأخرى الدقيقة المتماوجة. هذا كله في التيه الذي لا يكاد يرى! وفي الأذن مائة ألف خلية سمعية. وتنتهي الأعصاب بأهداب دقيقة. دقة وعظمة تحير الألباب».
«ومركز حاسة الإبصار العين، التي تحتوي على مائة وثلاثين مليونا من مستقبلات الضوء، وهي أطراف أعصاب الإبصار. وتتكون العين من الصلبة والقرنية والمشيمة والشبكية ... وذلك بخلاف العدد الهائل من الأعصاب والأوعية».
«وتتكون الشبكية من تسع طبقات منفصلة، والطبقة التي في أقصى الداخل تتكون من أعواد ومخروطات. ويقال: إن عدد الأولى ثلاثون مليون عود، وعدد الثانية ثلاثة ملايين مخروط. وقد نظمت كلها في تناسب محكم بالنسبة لبعضها البعض، وبالنسبة للعدسات ... وعدسة عينيك تختلف في الكثافة، ولذا تجمع كل الأشعة في بؤرة، ولا يحصل الإنسان على مثل ذلك في أية مادة من جنس واحد كالزجاج مثلا».
فأما الأفئدة فهي هذه الخاصية التي صار بها الإنسان إنسانا. وهي قوة الإدراك والتمييز والمعرفة التي استخلف بها الإنسان في هذا الملك العريض).
[كلمة أخيرة في سورة الملك]
إن محور سورة الملك قد أنكر على من يكفر بالله، مقيما عليه الحجة من خلال ظاهرتي الحياة والعناية، مقررا موضوع الرجوع إلى الله كبديهية، متحدثا عن خلق الله السموات السبع، وقد جاءت سورة الملك مفصلة في ذلك كله ضمن سياقها الخاص بها، تحدثت عن الله عزّ وجل وعن حكمته في خلق الموت والحياة، وعن خلق السموات السبع، وعن تزيينها بالكواكب، وعن حكمة وجود الكواكب لتصل إلى