أن ذكرت المجموعة الثانية المحرمات الرئيسية، وهيّجت على الالتزام بأسلوبي الترهيب والترغيب، بعد هذا كله تأتي المجموعة الثالثة لتحدّد الطريق.
وقبل أن نعرضها نحب أن نذكر مجموعة فوائد مما له صلة بالمجموعة الثانية:
فوائد:[حول الآيات التي أنزل الله فيها ما حرم علينا]
١ - روى داود الأودي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من أراد أن ينظر إلى وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التي عليها خاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً إلى قوله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
وروى الحاكم في مستدركه أن عبد الله بن خليفة سمع ابن عباس يقول: في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب، ثم قرأ: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ الآيات. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. وروى الحاكم أيضا .. عن عبادة ابن الصامت قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أيّكم يبايعني على ثلاث؟» ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ حتى فرغ من الآيات فمن وفى فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخّر إلى الآخرة فأمره إلى الله إن شاء عذّبه وإن شاء عفا عنه» ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
فلنحاول أن نعرض أنفسنا على هذه الآيات فإن العلم بلا محاسبة للنّفس على العمل لا يكفي.
٢ - في الصحيحين من حديث ابن مسعود أنّه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّ الذنب أعظم؟ قال أن تجعل لله ندّا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي؟ قال:«أن تزاني حليلة جارك» ثمّ تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ الآية.
وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن» وقال سعد بن عبادة: لو رأيت مع امرأتي رجلا لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:
أتعجبون من غيرة سعد. والله لأنا أغير من سعد، والله أغير مني، من أجل ذلك حرم