الله عزّ وجل في كتابه وذكر قوما فقال إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (الصافات: ٣٥) وقال جل ثناؤه وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله فاستكبروا عنها، واستكبر عنها المشركون يوم الحديبية فكاتبهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم على قضية المدة، وكذا رواه بهذه الزيادات ابن جرير من حديث الزهري، والظاهر أنها مدرجة من كلام الزهري والله أعلم. وقال مجاهد: كلمة التقوى: الإخلاص، وقال عطاء بن أبي رباح: هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، وعن المسور وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وروى الثوري عن علي رضي الله عنه وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: لا إله إلا الله والله أكبر، وكذا قال ابن عمر رضي الله عنهما، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: يقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى، وقال سعيد بن جبير وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: لا إله إلا الله والجهاد في سبيله. وقال عطاء الخراساني: هي لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقال عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وقال قتادة وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال: لا إله إلا الله وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وكان المسلمون أحق بها وكانوا أهلها).
[٦، ٧ - كلام ابن كثير عما أعقب صلح الحديبية ورواية أحاديث هذا الصلح]
٦ - مما أعقب صلح الحديبية ما ذكره ابن كثير: (ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله عزّ وجل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ حتى بلغ بِعِصَمِ الْكَوافِرِ فطلّق عمر رضي الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد لقد جربت منه ثم جربت، فقال أبو بصير:
أرني انظر إليه فأمكنه منه، فضربه حتى برد وفرّ الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين رآه «لقد رأى هذا ذعرا» فلما انتهى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال: يا رسول الله قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم نجاني الله تعالى منهم فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «ويل أمه مسعر