فكأن هذا يشير إلى أن الذبح هو جزء مما ينبغي أن يفعله العباد ليشكروا نعمة الله، وإذا كان هذا سينازع فيه فقد ذكر الله عزّ وجل في هذا المقام ما يقطع النزاع، وذكره في سياق المقطع الذي يري فيه الداعية أن موضوع الذبح الذي مكانه في شريعة الله عظيم ومكانه في العبادة والتقوى عظيم يحتاج إلى عودة إليه، ومن ثم عاد السياق إليه بعد ما ذكر في المقطع السابق، هناك ذكرت مكانة الذبح في قضية التقوى، وهاهنا يذكر الله عزّ وجل عنه أنه شريعته المستمرة، وكيف ينبغي أن يكون الموقف ممن ينازع فيه بشكل مباشر، فالآيات الأخيرة إذن وضعت الأمر في نصابه في قضية سينازع فيها، وهي مرتبطة في العبادة والتقوى.
ولنتابع تفسير المجموعة الرابعة: فمع كل الآيات، ومع كل النعم، ومع كل الحجج، فإن الكافرين يصرون على كفرهم وشركهم
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً أي حجة وبرهانا وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ بل هم يعبدونها بمحض الجهل، إنهم لم يتمسكوا في عبادتهم لها ببرهان سماوي من جهة الوحي، ولا حملهم عليها دليل عقلي، وهذا غاية الظلم أن يعبدوا غير الله بلا دليل من العقل ولا من النقل، ومن ثم توعدهم بقوله وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ أي وما للذين
ارتكبوا مثل هذا الظلم من أحد ينصرهم ويصوب مذهبهم
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا أي القرآن بَيِّناتٍ أي واضحات، وفيها الحجج والدلائل على توحيد الله ووجوب عبادته وتقواه تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ أي الإنكار بالعبوس والكراهة يَكادُونَ يَسْطُونَ أي يبطشون بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا أي بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وذلك دأب الكافرين مع الدعاة في كل زمان ومكان قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ أي من غيظكم على التالين وسطوكم عليهم، أو مما أصابكم من الكراهة والضجر بسبب ما تلي عليكم النَّارُ كأن قائلا قال: ما هو؟ فجاء الجواب: هو النار وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا أي وعد الله النار أن يعطيها الكافرين وَبِئْسَ الْمَصِيرُ أي وبئس النار مقيلا ومنزلا ومرحبا وموئلا ومقاما، وبهذا انتهى المقطع.
[كلمة في السياق]
لاحظ أن بداية المقطع هي قوله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ وأن نهايته هي قوله تعالى: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ