للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى، وبرهانه أدل وأقوى من برهان موسى بما آتاه الله من الدلائل المقترنة بوجوده في نفسه وشمائله، وما سبقه من البشارات من الأنبياء به وأخذ المواثيق له؛ عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام).

[فوائد]

١ - فسر النسفي قوله تعالى: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ بأن المراد من في النار الملائكة، وفسر وَمَنْ حَوْلَها بأن المراد به موسى، وهو المعنى الذي اعتمدناه في التفسير. إلا أن ابن كثير: فسر من حولها بالملائكة. وفسر مَنْ فِي النَّارِ بأن الله عزّ وجل أراد بذلك ذاته جل وعلا، وعلى هذا المعنى فلا يصح أن يفهم فاهم ما ينافي التنزيه، فالله عزّ وجل حجابه النور أو النار، وليس كمثله شئ، ومثل هذه المعاني الدقيقة لا يفهمها حق الفهم إلا الراسخون في العلم، السالكون إلى الله، العارفون به، جعلنا الله منهم. وبمناسبة هذه الآية نقل ابن كثير ما أخرجه ابن أبي حاتم .. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار، قبل الليل» زاد المسعودي «وحجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره» ثم قرأ أبو عبيدة أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وأصل الحديث مخرج في صحيح مسلم من حديث عمرو بن مرة.

٢ - يلاحظ أنه في هذه السورة قال موسى سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ .. وتعبيره هنا جازم وفي سورة القصص قال لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها .. وفيه الترجي، وقد علل النسفي لذلك بقوله: (لأن الراجي إذا قوي رجاؤه يقول سأفعل كذا، وسيكون كذا، مع تجويزه الخيبة، ومجيئه بسين التسويف عدة لأهله أنه يأتيهم به، وإن أبطأ أو كانت المسافة بعيدة، وبأو لأنه بنى الرجاء على أنه إن لم يظفر بحاجتيه جميعا لم يعدم واحدة منهما، إما هداية الطريق، وإما اقتباس النار، ولم يدر أنه ظافر على النار بحاجتيه الكليتين وهما عز الدنيا والآخرة واختلاف الألفاظ في هاتين السورتين والقصة واحدة دليل على جواز نقل الحديث بالمعنى، وجواز النكاح بغير لفظ التزوج). أي بما يفيده معناه وتجيزه الفتوى.

[كلمة في السياق]

لقد مرت معنا هذه المجموعة التي ذكر الله فيها قصة موسى بهذا الاختصار المعجز،

<<  <  ج: ص:  >  >>