ذكرت هذه المجموعة الطريق لمعرفة الله: العلم والهداية والكتاب، فالعلم الضروري والمكتسب يدلنا على الله وصفاته وأسمائه، كما برهنا على ذلك في كتابنا (الله جل جلاله) في بحث دلالات الظواهر، والهداية الخاصة التي هي أثر عن المجاهدة تدلنا على الله، قال تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا (فالمجاهدة توصل إلى المعرفة الصحيحة بالله، والقرآن وكل كتاب سماوي صحيح النسبة لله يدلنا على الله دلالة صحيحة، فالعلم الصحيح، والهدى الخالص، والكتاب المنير، كل منهم يوصل إلى معرفة الله التي هي أساس العبادة، التي هي طريق التقوى.
قد ذكرت هذه المجموعة نموذجا من الناس يحاول أن يصرف الناس عن طريق الله، وعن معرفته وعن دينه، والحامل له على ذلك الكبر، وذكرت جزاء هذا الصنف من الناس، وفي ذلك تحذير للناس أن يكونوا كهذا الصنف، وتحذير للمؤمنين أن يصرفهم هذا الصنف من الناس عن طريق التقوى، والصلة بين المجموعة وبين سياق السورة واضح، وكذلك الصلة بينها وبين محور السورة من قوله تعالى في سورة البقرة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ إذ المجموعة دلتنا بشكل غير مباشر على ما يوصلنا إلى معرفة الله، ودلتنا بشكل مباشر على نوع من الناس، يصرف عن معرفة الله وعبادته وشريعته، وحذرتنا أن نكون من هذا الصنف، إذ بذلك لا نكون عابدين ولا متقين.
إن السورة بدأت بالأمر بالتقوى، وذكرت بالساعة؛ لتهيجنا على سلوك طريق التقوى، ودلتنا على صنف من الناس جاهل بالله، ومتبع للشيطان، ثم دعت السورة إلى الإيمان باليوم الآخر، ثم ذكرتنا بصنف من الناس جاهل بالله، فالمعاني متكاملة، كل منها يكمل الآخر.
[فوائد]
١ - بمناسبة قوله تعالى وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ ذكر ابن كثير ما أخرجه ابن أبي حاتم بسنده إلى الحسن البصري قال: بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين ألف مرة.
٢ - دلتنا المجموعة على أن الكبر علة الضلال، ولا يصل الإنسان إلى حقيقة الإسلام