للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغات، أو أجناس النطق وأشكاله وَأَلْوانِكُمْ كالسواد والبياض وغيرهما، فلاختلاف ذلك وقع التعارف، وإلا فلو تشاكلت واتفقت لوقع التجاهل والالتباس، ولتعطّلت المصالح، وفي ذلك آية بيّنة حيث ولدوا من أب واحد وهم مع الكثرة التي لا يعلمها إلا الله متفاوتون إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ فالعالمون يعلمون أنّ في ذلك دلالات كثيرة على الله عزّ وجل

وَمِنْ آياتِهِ الدالّة على عظمته مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي ومن آياته منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله بالنهار إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ سماع تدبّر بآذان واعية. فهؤلاء يرون في وجود الليل والنهار آيات كثيرة تدل على الله

وَمِنْ آياتِهِ الدالة عليه يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً أي خائفين وطامعين وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ أي من السحاب ماءً أي مطرا فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ أي الذين يستعملون عقولهم فلا يعطّلونها، فمن تفكر بعقله في موضوع البرق وإنزال المطر، رأى في ذلك آيات كثيرة تدلّه على الله

وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ أي بإقامته وتدبيره وحكمته ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ للبعث دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ أي من قبوركم. والمعنى: ومن آياته قيام السموات والأرض واستمساكها بغير عمد، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة: يا أهل القبور اخرجوا. والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقّف، وإنّما جرى العطف على قيام السموات والأرض بكلمة (ثمّ) بيانا لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتدار الله على مثله بأن يأمر أهل القبور بالقيام فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر

وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ أي منقادون أو مقرون بالعبودية

وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أي البعث أيسر عليه عندكم، لأن الإعادة عندكم أسهل من الإنشاء، فلم أنكرتم الإعادة وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي وله الوصف الأعلى الذي ليس لغيره، وقد عرف به ووصف فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على ألسنة الخلائق، وألسنة الدلائل، وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شئ من إنشاء وإعادة وغيرهما من المقدورات وَهُوَ الْعَزِيزُ أي القاهر لكل مقدور الْحَكِيمُ الذي يجري كل فعل على مقتضى حكمته وعلمه.

[نقول]

١ - [كلام صاحب الظلال بمناسبة آية وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ .. آية (٢٢)]

عند قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال صاحب الظلال: (وآية خلق السماوات والأرض كثيرا ما يشار إليها في القرآن، وكثيرا ما نمرّ

<<  <  ج: ص:  >  >>