للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْبُدُوها أي: عبادتها وَأَنابُوا أي: رجعوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى قال النسفي: هي البشارة بالثواب تتلقاهم الملائكة عند حضور الموت مبشّرين، وحين يحشرون فَبَشِّرْ عِبادِ

الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أي: يفهمونه ويعملون بما فيه قال النسفي: (أراد أن يكونوا نقادا في الدين يميّزون بين الحسن والأحسن، والفاضل والأفضل، فإذا اعترضهم أمران واجب وندب اختاروا الواجب، وكذا المباح والندب، حرصا على ما هو أقرب عند الله، وأكثر ثوابا أو يستمعون القرآن وغيره، فيتّبعون القرآن، أو يستمعون أوامر الله فيتبعون أحسنها نحو القصاص والعفو ونحو ذلك، أو يستمعون الحديث مع القوم فيه محاسن ومساوئ، فيحدّث بأحسن ما سمع، ويكفّ عن سواه) أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ أي:

المتّصفون بهذه الصفة هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ أي: ذوو العقول والفطر المستقيمة.

نقل [عن صاحب الظلال حول آية وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ قال صاحب الظلال: (فلا يقعد بكم حب الأرض، وإلف المكان، وأواصر النسب والقربى والصحبة في دار عن الهجرة منها، إذا

ضاقت بكم في دينكم، وأعجزكم فيها الإحسان. فإن الالتصاق بالأرض في هذه الحالة مدخل من مداخل الشيطان؛ ولون من اتخاذ الأنداد لله في قلب الإنسان.

وهي لفتة قرآنية لطيفة إلى مداخل الشرك الخفية في القلب البشري، في معرض الحديث عن توحيد الله وتقواه، تنبئ عن مصدر هذا القرآن. فما يعالج القلب البشري هذا العلاج إلا خالقه البصير به، العليم بخفاياه.

والله خالق الناس يعلم أن الهجرة من الأرض عسيرة على النفس، وأن التجرد من تلك الوشائج أمر شاق، وأن ترك مألوف الحياة ووسائل الرزق واستقبال الحياة في أرض جديدة تكليف صعب على بني الإنسان؛ ومن ثم يشير في هذا الموضع إلى الصبر وجزائه المطلق عند الله بلا حساب: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>