تعرضت سورة المطففين في آخرها لاستهزاء المجرمين بالمؤمنين، وأبرزت هذا المعنى وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وجاءت سورة الانشقاق لتبين عقوبة
هؤلاء المجرمين المنقلبين إلى أهليهم فكهين فقالت وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً* وَيَصْلى سَعِيراً* إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً* إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ لاحظ إبراز سرور الكافر في أهله في نهاية سورة المطففين، وأوائل سورة الانشقاق مع إبراز ما للكافرين وللمؤمنين في السورتين. وتأتي سورة البروج بعد ذلك لترينا نموذجا من فعل الكافرين بالمؤمنين وفتنتهم إياهم، وما يستحقونه نتيجة لذلك. كما تحدثنا عن المؤمنين العاملين وما لهم. وتحدثنا عما يستحقه المكذبون من بطش الله. فسورة البروج تأتي لتكمل سياق ما قبلها، وتتصل بالمجموعة العاشرة بأكثر من وشيجة. وسنرى فيما بعد صلة كل سورة من سور المجموعة الحادية عشرة ببعضها.
لقد رأينا أن سور: الذاريات والطور والنجم كلها مبدوءة بقسم، وآتية في مجموعة واحدة، وأنها كلها فصلت في مقدمة سورة البقرة، وفي هذه المجموعة نرى سورتين كلا منهما مبدوءة بقسم، وفي المجموعة اللاحقة نجد خمس سور في مجموعة واحدة، تبدأ كل منها بقسم، وكلها تفصل في مقدمة سورة البقرة، ومن مثل هذا نستأنس أن سورتي البروج والطارق تفصلان في مقدمة سورة البقرة.
وتأتي بعد هاتين السورتين سورة الأعلى وهي مبدوءة بقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وهذا يشير إلى أنها تفصل في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
وتأتي بعد ذلك سورة الغاشية، وهي مبدوءة بقوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ وهي تشبه سورة الدهر مبدوءة بقوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً وهذا يجعلنا نستأنس أن محور سورة الغاشية هو نفسه محور سورة الدهر، وهي الآيات الآتية بعد مقدمة سورة البقرة وهذا كله سنراه تفصيلا أثناء عرضنا للسور الأربع- سور المجموعة الحادية عشرة- فلنبدأ عرضها.