٤ - وبمناسبة قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ نقول: دلت الآية على أن الرخاء الاقتصادي طريقه الإيمان والتقوى، طريقه طاعة الله والالتزام بشرعه، لا كما توسوس شياطين الإنس والجن، موجهة بزخرف قولها أن الرخاء في تطبيق مبادئ أمم الكفر الاقتصادية مما يلغي شرع الله، أو يعطله، أو يخالفه.
٥ - وبمناسبة قوله تعالى: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ قال الألوسي: «واستدلت الحنفية بالآية على أن الأمن من مكر الله تعالى وهو- كما في جمع الجوامع- الاسترسال في المعاصي اتكالا على عفو الله تعالى كفر، ومثله اليأس من رحمة الله تعالى لقوله تعالى: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ وذهبت الشافعية إلى أنهما من الكبائر لتصريح ابن مسعود رضي الله تعالى عنه بذلك.
وروى ابن أبي حاتم والبزار عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم سئل ما الكبائر؟ فقال الشرك بالله تعالى، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله.» وهذا أكبر الكبائر قالوا:
وما ورد من أن ذلك كفر محمول على التغليظ وآية لا ييأس الخ كقوله تعالى: الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ ولا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في قول. وقال بعض المحققين: إن كان في الأمن اعتقاد أن الله تعالى لا يقدر على الانتقام منه، وكذا كان في اليأس اعتقاد عدم القدرة على الرحمة والإحسان أو نحو ذلك، فذلك مما لا ريب في أنه كفر، وإن خلا عن نحو هذا الاعتقاد ولم يكن فيه تهاون وعدم مبالاة بالله تعالى، فذلك كبيرة وهو كالمحاكمة بين القولين».
[كلمة في السياق]
١ - رأينا أن محور سورة الأعراف هو ضرورة اتباع هدى الله المنزل، وما أعد الله لمن اتبع هذا الهدى وما جزاء من خالفه فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وقد رأينا في هذا المقطع كيف أن أهل الإيمان نجاهم الله، وكيف أن أهل الكفر- ممن رفضوا هدى الله- أهلكهم الله، وعذبهم في الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ فالمقطع إذن واضح في كونه ضمن السياق العام الذي يفصل محور السورة، ومما فصله أن أهل الإيمان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، بتولي الله إياهم.
٢ - ولقد رأينا أن السورة تتألف من ثلاثة أقسام، القسم الأول يتألف من مقدمة