أي خوف أن تفتقروا نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ نهاهم عن قتلهم وضمن أرزاقهم إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً أي إثما عظيما. وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود «قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك.» قال ابن كثير في الآية: هذه الآية دالة على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالد بولده، لأنه نهى عن قتل الأولاد، كما أوصى الآباء بالأولاد في الميراث، وكان أهل الجاهلية لا يورّثون البنات بل كان أحدهم ربما قتل ابنته لئلا تكثر عيلته فنهى الله تعالى عن ذلك
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى هذا نهي عن مقاربة الزنى ومخالطة أسبابه ودواعيه كالمس والقبلة والخلطة فضلا عن الزنى نفسه إِنَّهُ أي الزنى كانَ فاحِشَةً أي معصية مجاوزة حد الشرع والعقل وَساءَ سَبِيلًا أي وبئس طريقا طريقه، وبئس مسلكا مسلكه.
ثم نهى الله عن قتل النفس بغير حق شرعي وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ بأن ترتكب ما يبيح الدم، أو بأن كانت مباحة الدم أصلا كالحربي. وفي الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق للجماعة». وفي السنن:«لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مسلم». وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً أي غير مرتكب ما يبيح الدم فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً أي تسلطا على القاتل. فإنه بالخيار فيه إن شاء قتله قودا، وإن شاء عفا عنه على الدية، وإن شاء عفا عنه مجانا، لما ثبتت السنة بذلك فَلا يُسْرِفْ أي الولي فِي الْقَتْلِ بأن يمثل به أو يقتص من غير القاتل إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً أي إن الولي منصور على القاتل شرعا وعرفا وقدرا، قال النسفي وهو من الحنيفة: وظاهر الآية يدل على أن القصاص يجري بين الحر والعبد، وبين المسلم والذمي. لأن أنفس أهل الذمة داخلة في الآية لكونها محرمة. أقول: في هذا خلاف بين العلماء
وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي إلا بالخصلة والطريقة التي هي أحسن، وهي حفظه وتثميره حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ قال النسفي:(أي ثماني عشرة سنة). وفي أول سورة النساء تفصيل لما له علاقة بهذا وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ مع الله بحفظ أوامره ونواهيه، ومع الناس بما تعاهدونهم عليه، وبما تعاقدونهم عليه في المعاملات؛ فإن العهد والعقد كل منهما يسأل صاحبه عنه إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أي عنه، أو مطلوبا يطلب من