العاص بالباب لم يؤذن له. فقال: يا أبا بكر ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبسم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك». وكون ذوق العسيلة شرطا لصحة العودة إلى الأول مذكور في أحاديث صحيحة، وحسنة كثيرة. وليس المراد بالعسيلة المني. لما رواه الإمام أحمد والنسائي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ألا إن العسيلة الجماع».
٢ - وينبغي أن يكون الزوج الثاني راغبا في المرأة، قاصدا لدوام عشرتها كما هو المشروع من التزويج. فأما إذا كان الثاني إنما قصده أن يحلها للأول. فهذا هو المحلل الذي وردت الأحاديث بذمه. ومتى صرح بمقصوده في العقد، بطل النكاح عند جمهور الأئمة. روى الإمام أحمد، والنسائي عن عبد الله بن مسعود قال:(آكل الربا، وموكله، وشاهداه، وكاتبه إذا علموا به. والواصلة، والمستوصلة، ولاوي الصدقة، والمتعدي فيها، والمرتد على عقبيه أعرابيا بعد هجرته، والمحلل، والمحلل له ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة). والأحاديث الصحيحة، والحسنة في ذم المحلل، والمحلل له كثيرة. وقد اشتد بعض الصحابة في هذا الموضوع، حتى إنهم لم يرتبوا على زواج المحلل أي أثر. وإن كان بدون تآمر بين الزوج الأول والمحلل. حتى إنهم رووا عن عثمان أنه فرق بين المحلل والزوجة. والفتوى في هذا الموضوع على مذهب الحنفية أنه إذا لم يشترط التحليل في العقد ودخل بها المحلل ثم طلقها فانقضت عدتها حلت لزوجها الأول بعقد جديد.
٣ - اختلف الأئمة- رحمهم الله- فيما إذا طلق الرجل امرأته طلقة، أو طلقتين، وتركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجت بآخر. فدخل بها، ثم طلقها. فانقضت عدتها. ثم تزوجها الأول. هل تعود إليه بما بقي من الثلاث كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وهو قول طائفة من الصحابة رضي الله عنهم، أو يكون الزوج الثاني قد هدم ما قبله من الطلاق. فإن عادت إلى الأول تعود بمجموع الثلاث كما هو مذهب أبي حنيفة، وأصحابه رحمهم الله. وحجتهم أن الزوج الثاني إذا هدم الثلاث فلأن يهدم ما دونها بطريق الأولى والأحرى.
أي إذا طلقتم النساء طلاقا رجعيا، فبلغن آخر عدتهن، وشارفن منتهاها، إذ الأجل يقع على المدة كلها، وعلى آخرها. فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ: