للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير الفقرة الأولى]

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ أي: خلق كل شئ،

ثم خصص من بين المخلوقات في الذكر الإنسان فقال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ أي: من علقة، أي:

من حيوان منوي، أو المراد بذلك المرحلة الأولى للجنين بعد التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، والسؤال: ماذا يقرأ؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم الذي وجه له الخطاب أول مرة لا يقرأ. أقول: يفهم من السياق، أن المراد بالقراءة قراءة المخلوقات بالتفكر والتأمل فيكون المعنى- والله أعلم-: اقرأ هذا الكون وهذا الإنسان باسم الله عزّ وجل، ملاحظا أنه الخالق، وهو معنى أخذه بعضهم وأعطاه مضمونا عمليا، وجعله أساسا في السير إلى الله عزّ وجل، ونقطة انطلاق

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ أي: الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كريم، أقول: هذا وعد من الله عزّ وجل لمن قرأ الكون والمخلوقات باسمه تعالى أن يكرمه بالإكرام العظيم، حيث يفتح عليه من العلوم ما لم يفتحه على غيره، فما من إنسان يقرأ الكون باسم الله عزّ وجل، إلا ويعطيه الله عزّ وجل من العلوم دقيقها وجليلها

الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ أي: علم الكتابة بالقلم، أو علم العلوم الكثيرة المتولد بعضها من بعض بواسطة القلم

عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ. قال ابن كثير: وأن من كرمه تعالى أن علم الإنسان ما لم يعلم فشرفه وكرمه بالعلم، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة. أقول: لعل معنى الآية أن الله عزّ وجل هو الذي علم الإنسان العلوم الكثيرة التي ما كان للإنسان أن يعلمها لولا توفيق الله عزّ وجل وعطاؤه، فصار المعنى العام للآيات الثلاث: اقرأ الكون والإنسان باسم الله عزّ وجل، فإنك إن قرأت فإن الله عزّ وجل الذي علم الإنسان بالقلم، الذي علم الإنسان ما لم يعلم، سيتكرم عليك بالعلوم الكثيرة العظيمة، وهكذا أكدت هذه الآيات ما ورد في الآيتين الأوليين من الأمر بالقراءة، ووعدت القارئ بالإكرام، وهذا معنى فطن له بعضهم، وأعطوه حقه، فأكرم الله صالحيهم بإكرامات خاصة؛ ولأن هذه الآيات الخمس هي أول ما نزل من القرآن فلنقف عندها.

<<  <  ج: ص:  >  >>