للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم لو كانوا آلهة على الحقيقة لكانوا أحياء غير أموات، أي غير جائز عليهم الموت، بينما هم بالعكس من ذلك إما أموات على الحقيقة، أو يمكن أن يطرأ عليهم الموت، والضمير في (يبعثون) للداعين، أي لا تشعر هذه الآلهة المزعومة متى تبعث عبدتهم، وفيه تهكّم بالمشركين، وأن آلهتهم لا يعلمون وقت بعثهم فكيف يكون لهم وقت جزاء منهم على عبادتهم؟ وفيه دلالة على أنّه لا بد من البعث

إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أي ثبت بما مرّ أنّ الإلهية لا تكون لغير الله، فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ أي للوحدانية وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عن الإقرار بالوحدانية، وعن مضموناتها، وعن عبادة الله

لا جَرَمَ أي حقا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ أي سرهم وعلانيتهم أي وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ وهم الذين أشركوا به غيره.

قال صاحب الظلال بمناسبة قوله تعالى: إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ: «فالذين لا يسلّمون بهذه الحقيقة، ولا يؤمنون بالآخرة- وهي فرع عن الاعتقاد بوحدانية الخالق وحكمته وعدله- هؤلاء لا تنقصهم البراهين، إنما تكمن العلة في كيانهم وفي طباعهم. إن قلوبهم منكرة جاحدة لا تقر

بما ترى من الآيات، وهم مستكبرون لا يريدون التسليم بالبراهين والاستسلام لله والرسول. فالعلة أصلية، والداء كامن في الطباع والقلوب.

والله الذي خلقهم يعلم ذلك منهم. فهو يعلم ما يسرون وما يعلنون. يعلمه دون شك ولا ريب ويكرهه فيهم. إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ فالقلب المستكبر لا يرجى له أن يقتنع أو يسلم. ومن ثم فهم مكروهون من الله لاستكبارهم الذي يعلمه من يعلم حقيقة أمرهم ويعلم ما يسرون وما يعلنون.

[كلمة في السياق]

هذه الآيات مقدمة لمجموعات المقطع الثاني، وهي امتداد للمقطع السابق من حيث إنها تقرر وحدانية الله، وتقرر مجئ اليوم الآخر، وتقيم الحجة على المشركين وتتوعدهم وتصفهم بالمستكبرين، وأن الله لا يحبهم، وبعد هذه المقدمة تأتي المجموعة الأولى في هذا المقطع وهي تحدد موقف المستكبرين من القرآن، وما يستحقون بسبب ذلك، وموقف المؤمنين من القرآن وما يستحقون بسبب ذلك، ومن ثم فالمجموعة هذه تحدّد جزاء من

<<  <  ج: ص:  >  >>