للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجائبنا، ونربح في التجارات، ونفاخر في الدواب والأسباب، بطروا النعمة، وملوا العافية، فطلبوا الكدّ والتعب وَظَلَمُوا بما قالوا أَنْفُسَهُمْ بكفرهم فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ أي يتحدّث الناس بهم ويتعجبون من أحوالهم وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أي وفرّقناهم تفريقا اتخذه الناس مثلا مضروبا يقولون ذهبوا أيدي سبأ، وتفرقوا أيادي سبأ، كما سترى في الفوائد إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ عن المعاصي وعلى البلاء شَكُورٍ للنّعم، قال النسفي: أو لكل مؤمن لأن الإيمان نصفان: نصفه شكر، ونصفه صبر

وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ أي حقق عليهم ظنه، أو وجده صادقا فَاتَّبَعُوهُ أي أهل سبأ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قلّل المؤمنين لقلّتهم بالإضافة إلى الكفار

وَما كانَ لَهُ أي لإبليس عَلَيْهِمْ أي على الذين صار ظنّه فيهم صدقا مِنْ سُلْطانٍ أي من حجّة قال الحسن البصري: والله ما ضربهم بعصا ولا أكرههم على شئ وما كان إلا غرورا وأماني، دعاهم إليها فأجابوه إِلَّا لِنَعْلَمَ موجودا ما علمناه معدوما والتغيّر على المعلوم لا على العلم مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ قال ابن كثير: (أي إنّما سلّطناه عليهم ليظهر أمر من هو مؤمن بالآخرة وقيامها، والحساب فيها والجزاء؛ فيحسن عبادة ربّه عزّ وجل في الدنيا، ممّن هو منها في شك وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ أي محافظ عليه، فليحذر العاصي وليشكر المؤمن.

كلمة في السياق: [حول موضوع المجموعة وصلتها بما قبلها وبما بعدها وبالمحور]

١ - نلاحظ أن المجموعة الأولى من هذا المقطع انتهت بقوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ونلاحظ أن المجموعة التي مرت معنا تبدأ بقوله تعالى لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ مما يشير إلى ارتباط المجموعة الثالثة بمقدمة المقطع، ونلاحظ أنه بعد ما قصّ الله علينا عقوبة سبأ قال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ فإذا تذكّرنا أن قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ جاء في معرض ذكر قدرة الله على العقوبة، ندرك الصلة بين مقدّمة المقطع مع المجموعة، ونلاحظ أن المجموعة انتهت بقوله تعالى وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ مما يدل على أن موضوع اليوم الآخر الذي بدأ به المقطع هو الهدف من سوق القصة؛ فكفر النعمة سببه الشّك في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>